أتنفّس أرضاً
أتنفَسُ أرضاً....
إذْ أمشي
فوق غيومٍ تُنْكرني
أتنفّسُ ريشاً مخذولاً
يتساقط من سرب حكايات مرَّتْ
فوق الجرح المحتقِنِ
أتساءل في سرّي
أو في علني...:
هل كانتْ أرضاً ترقبني
إذْ مرَّ عليَّ
نفير يبابٍ.. أيقظني؟؟
أم أنّي في أضغاث المرأة
تلك المختالةُ في أثواب الفكرة
صلّيتُ عليها نافلةً
وأقمْتُ الليل على أعتاب مغانمها
وغفوتُ وحيداً في كفني...؟؟
أبيضَ كالصّفرِ
ابتدأ الحزن حكايته
أصغيتُ... بكلّ جوارح يأسي
لمْ أسمعْ صوتاً
لمْ ألمحْ ضوءاً
يومض في عتم الشجَنِ
فسريري
ما زال على جِلْستهِ
يتعوّذُ بالصوتِ /الأمِّ
ومازال القلب على فطرتهِ
مازال العمْرُ رهين محابسه
مازال بياض القرطاسْ
بحراً يلتهم الأفكار
كأنّي في ملكوت العُزلَةِ
آمر بالصمت
وأنهى عن كلّ كلامٍ لا يختلِفُ
الآن..... كأنّي ماضٍ أنكَرَهُ الناسْ
وإذاً......................
فليبدأ منّي القُدَّاسْ.....
مازلت على حالة جرحي:
محض حروف كالحة في دفتر عائلتي
وجهٌ تطْمِسُهُ المرأةُ إنْ غَضِبَتْ
سنبلة عاثتْ في الأرضِ عويلا
أتنفَّسُ موتاً
حين أسافرُ في جسدي
وكأنّي أمتحِنُ الأرضَ
أقود الأحزان دليلا
وأقود الروحَ إلى غَرَقٍ
وأشقّ إلى الموتِ سبيلا
كي أبني من صمتي معتَزَلاً
لابُدّ من الصمت قليلاً
لابُدَّ من الموت الأبيض
حتى يشهق حزن العمر بديلا
لابدَّ من الأرضِ
الحارسةِ
الأمِّ
لكي أضحك في القبر قتيلا
***
دمشق 11 آذار 2002
ـ أدق باب الأرض
سأدقَّ بابَ الأرض..
تفتحه:
المراثي والعظامْ
وأقولُ ـ إنْ سمح الحطامْ ـ
جيهانُ منّا .... آل بيت لم يزلْ
يبكي أحبّته الكرامْ
بيتٌ من الأحزانِ سلَّ وجودهُ
بيتُ كبيت العنكبوتْ
جدٌ.... تمدّد فوقَ (ربو) فاتكٍ
وأبٌ... حَبَتْهُ النائباتُ
وسام صًحبتها الصَموتْ
لو كان يدري
أنَّ في كنف المنافي موتَهُ
لارتاح من تعب التسكّع
والحنين إلى البيوتْ
واختار بيتاً في أقاصي يأسهِ
ثمَّ استخارَ الليل في علياء عتمتهِ القصيّة:
من ترى يختارُ بعد الموتِ....
موتاً لا يموتْ..؟؟!!
آهٍ دمشقُ
قصيدتي بنتُ الرثاءْ
ما عادت الكلمات ترنو نحوها
ما عادت الأفراح تعبر قفرها
فقصائدي من تحتها الأحزان تجري
مثلما يجري بمقلتي البكاءْ
عمّي... تَسَرْطنَ رأسهُ
من بعدما حصدَتْهُ أسيافُ المشيب
وزوجةٌ تقتات من حطب الفتنْ
وأخوه.... مات من التعلّلِ بالصحاب
وبالمفاتيح التي ستجندلُ الأبوابَ
..أبواب المحَنْ
تبَّاً وتبّاً..... ثمّ تبّاً
أرجُم الأحياءَ حتى في مقابرهم
وأرفع كلّ ميْتٍ لا يدفئهُ الكفنْ
الموتُ يسري في عروق صحابنا
والموتُ يعني كلّ شيءٍ
في أمانينا الكليلة
في اصطفاق أكفّنا
في ما يظلّ من الكلامِ مُعلّقاً كتميمةٍ
تحمي فتات الروح من عين الزمنْ
تبّاً وتبّاً..... ثمّ تبّاً.
هل من يَدٍ لتقرّب المنسيَّ
في فلكِ الكآبات القصيّةِ باكياً..؟؟
هل في العيون بحيرةٌ
تسقي الأحبّة في أخاميسِ الشجَنْ..؟؟
يا جدّتي.... قومي على عكّازكِ المرميّ
في ركن الألمْ
قومي.. ونادي:
....... يا حَسَنْ..
أبناؤكَ الباقونَ في حُجَرِ المراثي
ناهزوا خمسين جرحاً...!!
خمسة ظلّوا
ولكنْ في تقاويم القلقْ
قمْ يا حسنْ
فأديبُ... خرَّ من الكتابة أبكما
خورشيدُ... أطْبَق في دمشقَ سنيّهُ
وبلال... أضحى ميتما
وعليّ... أسْرفَ في النزَقْ
قم........... قمْ لغادتك الصغيرة
لمْ تغادر صمتها
قم........... قمْ لزوجتكَ الشقيّة بلسما
قمْ يا حسنْ
فبَنُوكَ راحوا في سبات حنينهم
وبَنُوكَ في ريعان محنتهم (بلاكَ)
كأَنّهم .. قلمٌ يسيل على فراغ
حسرةً وتشرذما..!!
وارفقْ بموتاكَ الذين تكاثروا
مثل الكآبة في الوطنْ
قمْ يا حسنْ
ما عاد للأحياءِ إلا دمعة
فارْفِقْ بهم
وارفعْ منارة آلِ بيتكَ من جديدٍ
طيبينَ وطاهرينَ
وقادرينَ على الحياة بلا وهَنْ
قمْ.. كي يبوسوا في صبيحة عيدهم
أمّاً..
أباً..
.....
قُمْ......
يا حسنْ....!!
***
10/8/2002