الشارع يمتدّ.. ويمتدّ
والنصب الشامخ يعلو
يتأمل بغدادَ
ويقرأ في تاريخ الرّوح
مثل كتاب مفتوحْ
........
نصبُ الحرية يعلو
يمتدّ.. ويمتدّ
ويصعد مزهواً في الأرجاءْ
وعلى قدميهِ يجثو
المخمورون من الفقراء
يستقبلهُ العمالُ- الباعةُ- والعشاقُ...
سماسرةُ الليل.. الشعراء
تستقبله الأحلام، الجوع،
دموعُ البسطاء..
هموم الناسْ..
كابوسُ الخوفِ الجاثم فوق الأشياءْ
والشارعُ يمتدُّ.. ويمتدُّ
تتسابقُ فيه آلاف الأضواء
صبحَ.. مساءْ
حتى لو مرّت غِربانُ الأعداءْ
..........
في جوف الليلِ الوحشيّ
نزفت قضبانُ النُصب رجالاً
واهتزّت أكتافُ الأرض
نزفت وطناً..
يخترقُ الظلمات
ويجتازُ الأزمان
وعلى الجهة اليسرى
صرخ النبضُ:
من أيّ سماء جاء الومضُ..؟
من أيّ سماء نزل الموتُ..؟
من أيّ سماء...؟
...........
في الفجر الدمويّ
قُصف الشارع تحت النُصب
انهمر العدوان شظايا
واحترق الألق الغافي
نزف النصب
عمّالاً.. ثوريين
جنوداً..
أبطالاً..
وخيولاً تصهل بعد الموت
وأشرعةً تتكسَّرُ حزناً
أطفالاً تتشوّق للخبزِ الأسود
وعلى أرصفة الفجرِ تموتْ
نظر الشاعرُ
للنُصب وقال:
هل تُورقُ أشجارُ التوت..؟
يا هذا الرمز المذبوحْ
هل تسمع نهنهةَ الروحْ..؟
فالأشلاء..
تتجمّعُ فوق الأشلاء
والنصب الشامخُ
يسبح في نهر دماءْ..!! |