نَادَتْـكَ أنْدَلُـسٌ فَلَـبِّ نِـداءَهـا واجْعل طَواغيتَ الصّليبِ فِداءَهـا
صَرَختْ بِدَعوَتك العليّـة فاحْبُهـا من عاطِفاتك ما يقـي حوْباءهـا
واشدُدْ بِجلبك جُرْد خَيلك أزْرَهـا تَرْدُدْ علـى أعْقَابِهـا أرْزَاءهـا
هيَ دَارُك القُصـوى أوَتْ لإِيالَـةٍ ضَمِنْتَ لها معَ نصْرِها إيواءَهـا
وبَها عَبيدُك لا بَقاءَ لَهُـم سـوى سُبُل الضّراعة يَسْلُكون سَواءَهـا
خَلَعَتْ قُلُوبُهُـمُ هُنـاك عزَاءَهـا لمّا رأتْ أبْصارُهُـم مَـا ساءهـا
دُفِعوا لأبكارِ الخُطـوب وعُونهـا فَهُمُ الغَـداةَ يُصابِـرونَ عَنَاءَهـا
وَتَنَكّرَتْ لَهُـم اللَّيالـي فَاقْتَضَـتْ سَرَّاءَهـا وَقَضَتْهُـمُ ضَـرّاءَهـا
تِلك الجَزيـرَةُ لا بقـاء لهـا إذا لَمْ يَضْمن الفَتْحُ القريـب بَقاءَهـا
رِشْ أيها المولى الرّحيمُ جناحَهـا واعْقِدْ بِأرْشية النّجـاة رِشاءَهـا
أَشفى على طرفِ الحياةِ ذَماؤُهـا فاستبْق للدّيـن الحَنيـف ذماءَهـا
حاشَاكَ أنْ تَفْنى حُشاشتُهـا وَقـدْ قَصَرتْ عليك نداءهـا ورَجَاءَهـا
طَافَـتْ بِطَائفَـة الهُـدى آمالُهَـا تَرْجو بِيَحيى المُرْتَضى إحْياءَهـا
واسْتَشرفَـتْ أمْصَارُهـا لإمَـارة عَقَدت لنَصر المُسْتضـام لوَاءَهـا
يـا حَسْرَتِـي لِعقائِـلٍ مَعْقـولَـةٍ سَئم الهُدى نحْو الضّلالِ هِداءهـا
إيهٍ بَلَنْسيَـةٌ وفـي ذكـراكِ مـا يمري الشؤون دماءَها لا ماءَهـا
كيف السّبيلُ إلى احتِـلال معاهـدٍ شبّ الأعاجِـم دُونهـا هيْجاءهـا
وإلى رُبىً وأباطِحٍ لَمْ تَعْـرَ مِـنْ خلَعِ الرّبيـع مصيفَهـا وشِتاءَهـا
طابَ المُعرّسُ وَالمَقيـلُ خِلالَهـا وَتطلّعَتْ غُـرَر المُنـى أثْناءهـا
بِأبي مـدارسُ كالطلـول دَوارسٌ نَسختْ نواقيسُ الصّليـب نِداءَهـا
ومصانعٌ كسَف الضّلالُ صَباحهـا فيخالُـه الرّائـي إليْـه مَسَاءَهـا
رَاحَتْ بها الوَرْقاءُ تُسمعُ شدوَهـا وغَدت تُرجِّـعُ نَوْحَهـا وبكاءَهـا
عَجَباً لأهْـل النـار حلّـوا جَنّـةً مِنْهَـا تمُـدُّ عَلَيْـهِـم أفْيَـاءَهـا
أمْلتْ لهُـم فتعجّلـوا مـا أمّلـوا أيّامُهُـم لا سُـوِّغـوا إمـلاءهـا
بُعْداً لِنَفْـس أبْصَـرَتْ إسْلامَهَـا فَتَوكَّفَتْ عـنْ جزّهـا أسْلاءَهـا
أمّا العُلوجُ فَقَـد أحالُـوا حالهـا فَمَن المُطيقُ علاجَهـا وشِفَاءهـا
أهْـوى إليْهـا بالمكـاره جـارح لِلكُفْـر كَـرّه ماءَهـا وهواءَهـا
وكفى أسـى أن الفواجـعَ جمّـة فَمَتـى يُقـاوم أسْوُهـا أسْوَاءهـا
هَيهات في نَظَر الإمارَة كفُّ مـا تخْشاه ليْت الشُّكرَ كـان كِفاءهـا
مَـولاي هَـاك معـادةً أنْباءَهـا لِتُنيـلَ منْـك سعـادةً أبْنـاءَهـا
جَرِّدْ ظُباك لمحـو آثـار العـدى تَقْتلْ ضَراغِمَها وتَسْـبِ ظِباءَهـا
واسْتدْع طائِفَـة الإمـام لِغَزْوهـا تَسْبِق إلـى أمثالِهـا استدْعاءَهـا
لا غَرْو أن يُعْزى الظهـور لملـة لَمْ يَبْرحُوا دُون الوَرى ظُهَراءهـا
إنّ الأعاجِـم للأعـاربِ نُهْـبَـة مَهْما أمَـرْتَ بِغَزْوهـا أحْياءهَـا
تالله لـو دَبّـت لـهـا دَبّابُـهـا لَطَوَتْ عَلَيها أرْضَهـا وَسَمَاءَهـا
وَلـو اسْتَقَلَّـت عَوْفُهـا لقتالهـا لاسْتَقبلـت بالمُقرَبـات عَفَاءَهـا
أرْسِل جَوارِحَها تَجئـك بصيدهـا صَيْداً ونـاد لِطَحْنِهـا أرْحَاءَهـا
هُبُّوا لها يا مَعْشَـرَ التَّوحِيـدِ قَـدْ آن الهُبوبُ وأحْـرِزوا عَلْياءهـا
إنّ الحَفائِظَ مـن خلالِكُـمُ التـي لا يَرْهَبُ الداعي بِهِـنّ خَلاءهـا
هي نُكتـةُ الدّنيـا فحيهـلاً بهـا تَجدوا سناها في غـدو سناءهـا
أوْلوا الجَزيرَةَ نُصْرَةً إن العـدى تَبْغِي على أقطارهـا اسْتيلاءَهـا
نُقِصَتْ بِأهل الشّرك من أطرافهـا فَاستحْفِظـوا بالمُؤْمنيـن بقاءَهـا
حاشاكُـم أنْ تُظْهـروا إلْقاءَهـا في أزْمةٍ أو تُضْمـروا إقْصاءَهـا
خُوضوا إليها بحْرها يُصبح لكـمْ رَهواً وجوبـوا نحوَهـا بيداءهـا
وافى الصَّريخ مُثوّبا يدعـو لهـا من يصْطفي قصد الثّواب ثواءهـا
دَارُ الجِهـاد فـلا تَفُتْكـمُ سَاحَـةً ساوَتْ بهـا أحياؤُهـا شُهَدَاءهـا
هَـذي رسائِلُهـا تُناجـي بِالتـي وَقَفَتْ عَلَيْهَـا رَيْثَهـا ونجَاءَهـا
ولَرُبّمَـا أنْهَـت سَوالِـبَ للنهـى مـنْ كائِنـات حُمّلـت إنْهاءهـا
وفَدَت على الدّار العَزيزة تَجْتَنـي آلاءَهَـا أوْ تَجْتَـلِـي آرَاءَهــا
مُسْتَسْقِياتٍ مِـنْ غُيـوث غياثهـا مـا وَقْعُـه يَتَقَـدّمُ اسْتسقَـاءَهـا
قَدْ أمّنَـتْ فـي سُبْلهـا أهْوَالَهـا إذْ سَوَّغَت فـي ظِلِّهـا أهْواءهـا
وبِحَسْبِهَا أنّ الأميـر المُرْتَضَـى مُتَرَقِّـبٌ بِفُتوحـهـا أنْبَـاءهـا
في الله ما يَنويـه مـن إدراكهـا بكـلاءةٍ يفـدي أبـي كـلاءهـا
بُشْـرى لأَنْدلُـسٍ تُحـبُّ لقَـاءه ويُحِبّ فـي ذات الإلَـه لِقاءَهَـا
صَدَقَ الـرُّواةُ المُخْبِـرونَ بأنّـه يَشْفِي ضَنَاهَا أوْ يُعيـدُ رُوَاءهـا
إنْ دَوَّخَ العُرْب الصّعـابَ مَقَـادَةً وأبى عليهـا أن تُطيـع إبَاءهـا
فكـأن بِفيْلقـه العرمْـرَم فالـقـاً هَامَ الأعاجـم نَاسِفـاً أرْجَاءَهـا
أنْذرْهُمُ بِالبَطْشَـة الكُبْـرى فقـدْ نذَرت صَوارمُه الرّقـاقُ دِماءَهـا
لا يَعدَم الزّمـنُ انتصـارَ مؤيَّـدٍ تَتَسـوَّغُ الدُّنيـا بِـه سَـرّاءَهـا
ملِـكٌ أمَـدَّ النَـيّـرات بِـنُـوره وأفـادَهــا لألاؤُه لألاءَهـــا
خَضَعَتْ جَبَابِـرَة المُلـوكِ لِعـزه ونَضَتْ بِكَفّ صغارِها خُيَلاءَهـا
أبقى أبُـو حَفْـصٍ إمَارَتَـه لـه فَسَمَـا إلَيهـا حامِـلاً أعْبَاءهَـا
سَلْ دَعْوَةَ المَهْـديّ عـن آثـاره تُنْبِئْـك أنّ ظُبـاه قُمْـنَ إزَاءَهـا
فَغَزا عِداهـا واسْتَـرَقَّ رقَابَهـا وحمَى حِمَاها واستَـرَدّ بهَاءَهـا
قبضت يداه على البسيطة قَبْضَـةً قـادَتْ لـه فـي قـدّه أمراءَهَـا
فعلى المَشارق والمغـارب ميسَـمٌ لِهُداه شَـرّفَ وَسْمُـه أسْماءَهـا
تَطْمو بِتُونِسهـا بِحـارُ جُيوشـه فيزورُ زاخر موْجهـا زَوْرَاءهـا
وَسع الزمانَ فضاقَ عنْـه جَلالـةً والأرضِ طُرّا ضَنكها وفَضَاءَهـا
ما أزْمَع الإيغـال فـي أكْنَافِهـا إلاّ تصَيّـد عَزْمُـهُ زُعَمَـاءَهـا
دانَتْ لـه الدُّنيـا وشُـمُّ مُلوكِهـا فاحْتَلَّ منْ رُتَب العُلـى شمّاءهـا
رَدّتْ سَعَادَتُـه علـى أدْراجِهـا غِيَل الزّمان ونَهْنهـت غُلَواءهـا
إن يغْتِم الـدُّوَلَ العَزيـزَة بأسُـه فَـلأنْ يُوالـي جُـودُه إعطاءَهـا
تَقَعُ الجَلائلُ وهْـو راسٍ راسـخٌ فيهـا يُوقّـعُ للسعـودِ جلاءَهـا
كالطَّوْد في عَصْف الرياح وقَصْفها لا رَهْوَها يَخْشـى ولا هْوجاءهـا
سامي الذّوائب في أعـزّ ذُؤَابَـةٍ أعْلت على خِيَمِ النجـوم بنَاءهـا
بَرَكَـتْ بكُـلّ مَحَلّـةٍ بركـاتُـه شَفْعـاً يُبَـادرُ بذلُهـا شُفعاءهـا
كالغَيْث صَبّ على البَسيطة صَوْبَه فَسَقى عَمائِرَهـا وجَـاد قَواءَهـا
يَنْميه عَبْد الواحِد الأرْضـى إلـى عُلْيـا تَجَنّـح بَأسهـا وَسَخَاءَهـا
في نَبْعَةٍ كَرُمتْ وطابَـتْ مَغْرِسـاً وسَمَتْ وطالتْ نضْرَةً نُظراءهـا
ظهرت بِمحتدها السّماء وجاوَزَتْ بِسُرادقـاتِ فخارهـا جوْزاءهـا
فئةٌ كرامٌ لا تكُـفّ عـن الوغـى حتّى تُصـرِّعَ حوْلهـا أكفاءهـا
وتَكُبُّ في نار القِرى فوْقَ الـذُّرى مـن عِـزّةٍ لُوّاتِهـا وكُبَـاءَهـا
قد خلقوا الأيَّـامَ طيـبَ خَلائِـق فَثَنَـتْ إلَيهـمْ حَمْدهـا وثَنَاءَهـا
يُنْضُونَ في طَلَب النّفائِس أنْفُسـاً حَبَسوا على إحرَازِهـا أنْضَاءَهـا
وَإذا انْتَضَوْا يَوْمَ الكَريهَة بيضَهُـمْ أبْصَرْت فيهم قَطْعهـا وَمَضاءَهـا
لا عُذْر عند المكرُماتِ لهم متـى لـم تَسْتَبـن لعُفاتِهـم عذْرَاءهـا
قَوْمُ الأمير فمنْ يقُـومُ بِمـا لهـم من صالِحاتٍ أفحَمـتْ شُعَرَاءَهـا
صَفْحاً جَمِيلاً أَيُّها المَلك الرّضـي عنْ مُحكماتٍ لم نُطق إحْصَاءهـا
تَقِفُ القوافـي دُونَهـنّ حَسيـرةً لا عِيّهـا تُخْفـي ولا إعْيَـاءهـا
فلعـل عَلْيَاكـمْ تُسامـح راجيـاً إصْغاءهـا ومُؤمّـلاً إغضاءَهـا