أبى الحَسَـن إلا أنْ تَعِـزّ وَتَغْلِبـا عَقيلَةُ هذا الحيّ مـن سِـرِّ تَغْلبـا
فكيـفَ بِفَـوْزٍ مـنْ رَبيبَـة فـازَة مَسابِحُها بَيْـن الأباطـحِ وَالربـى
تُظَلّلهـا خُضْـر القَنابِـل والقـنـا وتَكْلؤُهـا زُرْقُ الأسِنّـة وَالظُّبـى
مِن البيضِ حمْراءُ المَطارفِ والحُلى إذا طَلَعتْ حُلّـتْ لطلعَتهـا الحُبـى
تُصَادِر عَما في الصُّدورِ عِصابَـة همُ عَصَبوا قتْلى الصَّبابَة والصِّبـا
فتاة يَفوت الوصفُ مُعْجب حُسنِهـا فَلا غَرْو أن تُزْهـى دَلالاً وتُعْجَبـا
أُراعُ لِذِكْراهـا فـأُرْعَـدُ خيـفَـةً كَما زَعْزَعَتْ غُصْناً بهَبَّتِها الصّبـا
وَأبْتاعُ بِالْمَحيْـا وناهيـكَ صَفقَـةً مُوَفّقَـةً ذاك المُحـيّـا المُحَجّـبـا
ورُبّ يَـدٍ بَيْضَـاءَ عِنـدِي لِلَيْلَـةٍ تَحَمّلتُ فيها الهجْر حـوْلاً مُحَسّبـا
تَـراءَت لَنـا وَهْنـاً إِزاء خَريـدَةٍ تُسايِرُهـا كالْبَـدْرِ قـارَنَ كَوْكَبـا
وجَازَتْ بِنا مذْعورةً مـن شِعارِنـا كجَازيـة بالرّمْـلِ تَتْبَـعُ رَبْرَبـا
وما علِمَتْ أنّـا قنائِـصُ لَحْظِهـا ورُبّ مَهاةٍ تقْنِـصُ اللّيـث أغْلَبـا
فقُلـتُ لِصَحبـي واثِقـاً بحِفاظِهـم بقُرْبِي التَصابي لا تَريمُـوهُ مَرْقَبـا
وَأقْبَلْتُ أسْتَقـري خُطاهـا مقَبِّـلا مَجَرّاً لِمَوْشِـيِّ البُـرودِ ومَسْحَبـا
وقَد جَعَلَـتْ تَشتـدُّ نحـوَ خِبائهـا لِتَخْبَأ نوراً مـذْ تـلألأَ مـا خبَـا
كَما أوْمأَتْ بالكفّ أن كُفَّ وانكَفـأ فَسُمْرُ شَباب الحَيِّ ما ضِيةُ الشّبـا
فَأبْتُ وقد قَضّيـتُ بعْـضَ مَآربـي وإن كنتُ من نجوايَ لم أقْضِ مَأْرَبا
إلى اللّهِ أشكو العيرَ لا بل حَداتَهـا فَلوْلا هُمُ لم أمتطِ الشـوْقَ مَركَبـا
ولا استَعذب القلبُ المُعـذَّبُ حَتْفَـه وحسبُك تَعذيباً يَرى الحَتْف أعذَبـا
بَكَيْتُ عَلى تلـك الحَقائـبِ حِقبَـةً وحُـقَّ لِعَينـي أن تَسُـحّ وتَسْكُبـا
نِزاعاً لِخَوْدٍ أشرِبَ القلـبُ حُبّهـا فَباتَ عَلى جَمْـرِ الغَضـا متقلّبـا
أرُدُّ بِأرْدانـي سَوابِـقَ عَبْـرَتـي ولَو شِئْت لم يفقد بها الرّكبُ مَشربا
وأدْرَؤُها حُمـراً كَلـوْنِ خِضابِهـا بِفَضْـلِ رِدائـي خائِفـاً مُترَقّـبـا
وما بِيَ إلا أن يَرى الحَيُّ موْضِعي فَتَسْمَعَ منْ أجْلـي مَلامـاً ومعْتبـا
سَلامٌ على دوْحِ السـلامِ فكَـمْ لنـا مَقيلاً بِها ما كـانَ أَنْـدَى وَأَطْيبـا
جَميل كَرَيْعـانِ الشّبـابِ وَجَدْتُنـي هنالِك أصبى مـن جَميـلٍ وَأنْسَبـا
وللّـهِ منهـا بِالمُحصّـب وَقْـفَـةً أنافِسُ فيها مـا حَييـتُ المُحصّبـا
عَلَوْتُ الكَثيبَ الفَرْد أرْقب صُنعهـا وقَد آنَ تقويـضُ القِبـابِ وأَكثَبـا
فَراحَتْ إلَى نُعْمـانَ تنْعَـم بِالمُنـى وخَلّت غُرابَ البَين يَنْـدُبُ غُرَّبـا
وَلا حَظّ إلا نَظرَةٌ تُحْسِـبُ الهَـوى وَلو أنْصَفوا ما كـانَ ذاكَ مُحَسّبـا
تَعَلّلْتُ لَمـا جـاوَز الحَـيُّ يعْلَمـا وثَرَّبْتُ لمّا جـاوزَ الرّكـبُ يَثْرِبـا
وقَد كانَ من سَمْتي العَقيقُ ومَنْ بـه فَعَقّنِـيَ الحـادي وحـاد ونَكّـبـا
خَلِيلَيَّ أمّـا رَبّـةُ القلْـبِ فارْمُقـا بها القَلْبَ أعْشـاراً يَـذوبُ تَلَهُّبـا
وَإِن مَزّقَتْنـي شُعْبَـةً إثْـرَ شُعْبَـةٍ فَمـا أقْتَفـي إلا العَلاقَـة مَشْعَبـا
لَقَدْ أُحْضِرَت مَوْتِي وَما هِيَ بِالتـي تَعُدّان سَهْواً حَضْرَ مَوْت لهـا أبـا
فإن مِتُّ شَوْقـاً أو فَنيـتُ صَبَابَـةً خُذا بِدَمـي ذاك البَنـان المُخضَّبـا