بِخَطبِ الشَّارِبينَ يَضيقُ صَدري وَتُرمِضُنـي بَلِيَّتُهُـم لَعَـمـري
وَهَل هُم غَيرُ عُشَّـاقٍ أُصيبـوا بِفَقـدِ حَبائِـبٍ وَمُنـوا بِهَجـرِ
أَعُشَّـاقَ المُدامَـةِ إِن جَزِعتُـم لِفُرقَتِها فَلَيـسَ مَكـانَ صَبـرِ
سَعى طُلابُكـمُ حَتّـى أُريقَـت دِماء فَوقَ وَجهِ الأَرضِ تَجري
تَضَوَّعَ عَرفُها شَرقـاً وَغَربـاً وَطبَّـقَ أُفـقَ قُرطُبَـةٍ بعطـرِ
فَقُـل لِلمُسفحيـن لَهـا بِسَفـحٍ وَما سَكَنتهُ مِن ظَـرفٍ بِكَسـرِ
وَلِلأَبـوابِ إِحراقـاً إِلــى أَن تَرَكتُـم أَهلَهـا سُكَّـانَ قَـفـرِ
تَحَرَّيتُـم بِـذاكَ العَـدل فيهـا بِزَعمِكُمُ فَإِن يَكُ عَـن تَحـرِّي
فَإِنَّ أَبـا حَنيفَـةَ وَهـوَ عَـدلٌ وَفَرَّ عَنِ القَضاءِ مَسِيـرَ شَهـرِ
فَقـيـهٌ لا يُدانـيـهِ فَـقـيـهٌ إِذا جـاءَ القِيـاسُ أَتـى بـدُرِّ
وَكانَ مِن الصَّلاةِ طَويـلَ لَيـلٍ يُقَطِّعُـهُ بِـلا تَغمِيـضِ شَفـرِ
وَكانَ لَهُ مِـن الشـرابِ جَـارٌ يُواصِـلُ مَغرِبـاً فيهـا بِفَجـرِ
وَكانَ إِذا اِنتَشى غَنَّى بِصَوتِ ال مُضَاعِ بِسَجنِهِ مِـن آلِ عَمـرِو
أَضاعُوني وَأيَّ فَتـىً أَضاعُـوا لِيَـومِ كَريهَـةٍ وَسَـدادِ ثَغـرِ
فَغَيَّبَ صَوت ذاكَ الجارِ سجـنٌ وَلَم يَكنِ الفَقيـهُ بِـذاكَ يَـدري
فَقالَ وَقَد مَضـى لَيـلٌ وَثـانٍ وَلَم يَسمَعهُ غنَّى لَيـتَ شِعـري
أجاري المُؤنِسـي لَيـلاً غِنـاءً لخَيـرٍ قَطـعُ ذَلِـكَ أَم لِشَـرِّ
فَقالُوا إِنَّهُ فـي سجـنِ عيسـى أَتاهُ بِهِ المُحارِسُ وَهوَ يَسـري
فَنادى بِالطَّويلَـةِ وَهـيَ مِمّـا يَكـونُ بِرَأسِـه لجَليـل أَمـرِ
وَيَمَّمَ جارَهُ عيسى بنَ مُوسـى فَـلاقـاهُ بِـإِكـرامٍ وَبِـــرِّ
وَقالَ أَحاجَـةٌ عَرَضَـت فَإِنـي لَقاضِيهـا وَمُتبِعهـا بِشُـكـرِ
فَقالَ سَجَنتَ لي جـاراً يُسَمَّـى بِعمروٍ قالَ يُطلقُ كـلُّ عمـرِو
بِسجني حينَ وَافَقَهُ اسمُ جارِ ال فَقيـه وَلَـو سَجَنتَهُـمُ بِـوِتـرِ
فَأَطلَقَهُـم لَـهُ عيسـى جَميعـاً لِجـارٍ لا يَبيـتُ بِغَيـر سُكـرِ
فَإِن أَحبَبتَ قُـل لِجـوارِ جـارٍ وَإِن أَحبَبتَ قُل لِطِـلابِ أَجـرِ
فَإِنَّ أَبا حَنيفة لَـم يَـؤُب مـن تَطَلُّـبـهِ تَخَلُّـصَـهُ بِــوزرِ
نواقِعُها مِن أجلِ النّهـي سـراً وَكَـم نهـيٍ نواقِعُـهُ بِجَـهـرِ