هل أقـالَ الحِمـامُ عثـرة حـيٍّ أم عـدا سهمـهُ فــؤاد رَمــيِّ
هلْ أدامَ الزّمـانُ وَصْـلَ خليـلٍ فوفَـى ، والزّمـانُ غيـرُ وفـيّ
وهو كالفكـر بيـن غـشّ عَـدُوٍّ لبنيـه، وبيـن نُـصـحِ ولــيّ
قـد رأينـا حـالاً نـؤولُ إليهـا ووعظـنـا بحالـنـا الأولــيّ
غير أنّـا نرنـو بأعيـنِ رشـدٍ كُحِلَتْ من هـوَى النفـوس بغـيّ
أين ما كـان خلقـه مـن تـرابٍ لم يكـنْ بـدءُ خلقـه مـن منـيّ
واغتذى عند مولـد الـروح فيـه مـن ثُـديّ الحيـاة ِ أوّلَ شــيّ
قد دُفِعْنَـا إلـى حيـاة ٍ ومـوْتٍ ونشـورٍ إلـى الإلــهِ العَـلـيّ
ودوام البقـاءِ فـي دار أخــرى ومـجـازاة ُ فـاجـرٍ وتـقــيّ
كـم مليـكٍ وسـوقٍ وشُـجـاعٍ وجـبـانٍ وطـائـغٍ وَعَـصِـيِّ
نشرَتْهُـمْ حياتـهـمْ أيّ نـشـرٍ وطواهُـمْ حِمامُـهُـمْ أيّ طــيّ
فهمُ في حشـا الضريـح سـواءٌ ولقـد كـان ذا لـذا غَيْـرَ سِـيِّ
لك يا من يموتُ شخـصٌ وفـيءٌ ثم شخصٌ في القبر من غير فَـيّ
أيُّ فْـيء لـم يصـيـرُ تـرابـاً مُحِيَتْ مِنْـهُ صـورَة ُ البَشَـريّ
كيفَ تنجـو علـى مَطِيَّـة ِ دُنْيـا وهي تَشّحُـو بالجانِـبِ الوحْشِـي
تطرحُ الراكـب الشديـد شموسـاً وركـوبُ الشمـوس فعـل غبـيّ
غُرّ مَنْ ظـنّ أن يصافـي دهـراً وهـو للأصفيـاءِ غيـرُ صفـيّ
كـلّ لاهٍ عمّـا يطيـل شـجـاه يمـلأ العيـنَ مـن رقـادِ خلـيّ
والـرّدى يشمـلُ الأنـامَ ومنـه عرضيّ يجـيءُ مـن جَوْهـريّ
ومميـتُ الحـراكِ مـن سكـونٌ مظهـرٌ فعلـهُ بـسـرٍّ خـفـيّ
وهو يرمي قوائمَ الأعصم الضِّر بِ ويلـوي قــوادمَ المضـرَحـيِّ
لا يهابُ الحِمـامُ مَلكـاً عظيمـاً يجتبـي يـوم جـوده بالحـبـيّ
ينطقُ الموتُ من ظبـاه فَيَمْضِـي خيـرُ وسمـيّ رحمـة ٍ وَوَلـيّ
لا ولا مُرْهَفَ المُدى بيـن فَكّـيْ باطـشِ البرثَنيْـنِ وَرْدٍ جَــريّ
ومتى هابَ موقـداً نـارَ حـربٍ فارساً في المُضاعَـفِ الفارسـيّ
للرّديـنـيّ مـنـه ريٌّ مُـعَـادٌ من نجيع العـدا كحـرف الـدّويّ
أيّ رزءٍ جارتْ به الريحُ في الما ءِ وأفشتـهُ مـن لسـانِ النـعـيّ
ومصـابٍ أصـابَ كـلّ فــؤادٍ في ابن عيد العزيز عبـد الغنـي
قائـدٌ قـادَهُ إلـى المـوْتِ عِـزّ باقتحـامٍ كهـلٍ وعــزمٍ فـتـيّ
فارسُ الماءِ والثرى والفتى المـح ضُ والـمــروءة الأريـحــيّ
ورثَ العـزّ مـن أبيـه كشـبـلٍ أخـذَ الفتـكَ عـن أبيـه الأبـيّ
جمرة ُ البأس أخمدت عـن وقـود بنفـوس العـداة مـن كـلّ حـيّ
وحسامُ الجِلاد فُـلّ شبـاه بشبـا المـوت عـن قــراع الكـمـيّ
حاسـرٌ درعـه، تضَـرُّمَ قلـبٍ خافقٍ فـي حشـا فتًـى شَمّـريّ
يتقّـي حـدّ سيفـه كـلّ عـلـج يجيبـكِ الـمـاذيّ فــي الآذيّ
مقـبـلاً لا مولـيـاً بالأمـانـي عـن كفـاحِ العِـدا وبالسمهـريّ
وكـأنّ الإتـاءَ مــال عَلَـيـه يـوم مَـدّوا إليـه سُمَـر القنـيّ
سلبُـوا سَيْفَـهُ وفـيـه نجـيـعٌ منهـمُ كالشقيـق فـوق الأتــيّ
ورأوْا كـل مُهْجَـة ٍ منهـمُ سـا لتْ على صَدْرِ رُمْحِـهِ الزاعبـيّ
زُوّدوا كل ضربة ٍ منه كالأخـدو دِ تُـردي وطعـنـة ٍ كالـطـويّ
كلّ نارٍ كانتْ من الغـزو تذكـى خمِـدتْ فـي حسامِـه المَشّرَفـي
صافحَ الموتَ والصفائحُ غَضْبَـى وَلَغَتْ منـه فـي دمـاءِ رَضـيّ
مُشْعراً بالسيوف كالهـدي تُهـدى كـلّ حوريـة ٍ إلـيـه هَــديّ
فهو نعم العـروسُ حشـوَ ثيـابٍ قانئاتٍ من كـلّ عِـرقٍ ضَـريّ
طيبُهُ من نجيعـه، وهـو مسـكٌ فـي عِـذارِيْ مُهَـذَّبٍ لَـوْذَعِـيّ
يا شهيدا في مشهد الحرب مُلقـى وسعيـداً بكـلّ عـلـجٍ شـقـيّ
وَسخـيـاً بنَفـسِـهِ للـعـوالـي في رضى الله فعـلُ ذاكَ السخـيّ
كـمْ ضـروبٍ ضاربتـه وجليـدٍ وقـريـبٍ طاعنـتـهُ وقـصـيّ
وأخـي وفضـة ٍ كــأمٍ ولــودٍ ما أصابتـكَ مـن بنـات القسـيّ
كَمْ صَديـقٍ بكـاكَ مثلـي بدَمـعٍ طائـعٍ مـن شؤونـه لا عصـي
تذرف العينُ منـه جريـة َ مـاءِ تطأُ الخـدّ وهـي جمـرة ُ كـيّ
وثكالـى يندبـنَ منـكَ بـحـزنٍ خيـرَ نـدبٍ مُـهـذَّبٍ ألمـعـيّ
حاسراتٍ ينُحنَ فـي كـلّ صُبـحٍ بلّـه دمعـهـا وكــلّ عـشـيّ
ليس يدري امـرؤ أجَـزّ نـواصٍ كـانَ منهـنّ أم حصـادُ نصـيّ
سُـوّدتْ بالمـداد بيـضُ وجـوه فهـي فـي كـلّ برقـعٍ حبشـيّ
ولبسـنَ المسـوحَ بعـد حريـرٍ شرّ زيٍّ أرتـكَ مـن خيـرِ زِيّ
كـلّ نواحـة ٍ عليـكَ حشـاهـا حَشْـوُهُ مـنـك كــلّ داءٍ دَويّ
يتلقّـى بنفسـجُ اللـطـمِ منـهـا ذابـلَ الـوَرد فـوْق وردٍ جنـيّ
يا خليلاً أخـلّ بـي فيـه دهـرٌ لوفـاءِ الأحـرار غيـر وفــيّ
أنْـتَ بالمـوْت غائـبٌ، ومثـالٌ في ضمير الفُـؤادِ منـك نجيـيّ
وإن أرضاً غودرتَ فيهـا لتهـدي ريحها منك عَـرفَ مسـكٍ ذكـيّ
فسقـى شلـوك الممـزقَ فيـهـا خبـرُ وسمـيّ رحمـة ٍ وَوَلـيّ
لم أكنْ إذ نَظَمْـتُ تأبيـنَ مَيْـتٍ لـكَ أختـارُهُ علـى مَـدْحِ حَـيِّ
أنا أبكي عليكَ ما طـال عمـري شَرِقَ العيـن مـن دمـوع بـريّ
وستبكيـكَ بعـد موتـي القوافـي في نيـاح مـن لفظهـا معنـويّ