كأنكِ ما كنتِ يوماً تحبينْ
كأني توهَّمْتُ أني قَريبٌ إليكِ
عزيزٌ عليكِ
كأني رَسَمتُ هوايَ
على صَفحةٍ من ضَبابْ
كأني رَكبتُ بملءِ رضاي العَذابْ
لو اني كما كنتُ أومنُ، كيفَ
تخلَّين قلبي لغيري؟!
وتعطين نفسَكِ غيري
وترضينَ فوقَ سريركِ غيري
وكيفَ أصيرُ
ـ أنا العمر ـ عندَ احتراقِ المساءِ سَرابْ
* * *
كأني بصوتكِ يهتفُ بي: لا تأَخَّرْ
فإن اشتياقي إليكَ
كخوفي عَليكَ كبيرْ
فإن صِرتَ عندَ البعيدِ تذكَّرْ
بحقِّ هَوانا تذكَّرْ
وأَرسلْ ولو لفتةً للسَّماءْ
لأشعرَ أني إليكَ قريبةْ
وأني أظلُّ الحبيبة
وتعرفَ أنكَ عُمري وأكثرْ
ومرَّ بذاكَ المساءِ رسولٌ
بقلبٍ قَفيرٍ يَبابْ
وحُلمٍ ترابْ
فأصبحَ كلُّ الكلامِ سَرابْ
* * *
إلى آخرِ العمرِ أبقى مَعَكْ
إلى آخرِ الكونِ أمشي مَعَكْ
وقفْتُ حياتي لَديكْ
وأغلقتُ قلبي عليكْ
ومهما فعلتَ فأنت أميري
وصدرٌ تمرَّدَ من لمسِ كفيكَ لن يتراقَصَ إلا
لدفءِ يديكْ
:كأني بصوتِكِ يأتي شَحيحاً
يخبِّئُ بينَ الحروفِ الحروفَ
ويُدخلُ تحت الكَلامِ الكلامْ
كأنكِ أتقنتِ فنَّ التلُّونِ حتى انقلبتِ
بغفلةِ قلبٍ
فصِرتِ لغيري
وصارَتْ وعودْ الليالي الجميلاتِ وهماً
وأضحَتْ حروفُ الوعودِ رُكامْ
* * *
ومدت إلى غابة الروحِ كفاً حرير
أضاءت مفازاتِ عمري
وأمطرتِ الغيمَ فوقيَ مَنَّاً
وسَلوى
وماسَت جمالاً،
وماجَتْ عبيرْ
وَرَفَّتْ حَماماً من الياسمينْ
وصارت شذا العُمرِ والأمنياتْ
كأن عذارى حَياتي تجمَّعنَ فيها
نساءً،
ظِباءً،
خموراً،
بساتين لوزٍ وتينْ
وذاتَ صباحٍ ظلومٍ كئيبْ
رَمتني رياحُ السمومِ
وصرتُ إلى قعرِ نفسي الكَريهْ
كأني بتفاحةِ البعدِ تسرقٌ روحي
أضعتُ وضعتُ
وعدت كأمسِ
فلا نبضُ حلمٍ يجمِّلُ عمري
ولا ظلُّ أنثى
يدفِّئُ نفسي