حتَّامَ نرْحلُ يا صديقي في المَدى؟!
الحرُّ يكوي جِلدَنا
والطّينُ يطوي دَرْبنَا
الرِّيحُ تحفُرُ في الجَبينْ
والقشُّ يبحِرُ في العُيونْ
وعلى لَظى الصَّخرِ العَنيدِ سنَنتهي
يومَاً وتسحَقُنا المَنونْ
نمْشي تخدّرنا الظّلالُ الوارِفَةْ
فَنَلوذُ تحْتَ غُصونِها
وجُذورُها تَلتفُّ بينَ عُروقِنا
سَعْرى تجفِّفُ ما تَبقَّى من دماءْ
نرنو إلى الشَّمسِ القويَّةِ عَلَّها
تَحْنو عَلَيْنا
ونُناشِدُ الغيمَ الذي بالأَمسِ جَمَّعَ ماءَهُ
مِنْ نُسْغنا يَدنو إليْنا
ونَهزُّ ضِرْعَ الحلْمِ نسْأَلَهُ الرحيقَ ولا رَحيقْ
السُّحْبُ تسرقُ نُسْغَنا
ونظلُّ نمشي
والشَّمسُ تحرقُ حُلْمَنا
ونظلُ نمشي
والنَّاسُ, والأَشجارُ, والأحجارُ تشرَبُ ماءَنا
ونظلُّ نمشي
فإلامَ نمشي في الدُّروبِ بلا هُدى؟!
وإلامَ يسرُقُنا المَدى؟!
جئنا لِنركُضَ خَلفَ دُنيا لا نُريدْ
لمْ نخترِ اليومَ الذي بدأتْ على دَقَّاتِهِ
خُطُواتُنا
لمْ نخترِ الدنيا وجِئنا هَكذا
لمْ نُستْشرْ
ماذا نريدْ
إنا ارتمينا في البعيدِ مهرولينَ إلى البعيدْ
هذي الحياةُ أَيا صديقُ فما تقولْ؟
كلُ الأماني في ذبُولْ
السَّعي بعثَرَنا بَقايا في المَدائِنِ والقُرى
والجسْمُ أرهَقهُ التَّسلُّقُ والتّزَحلقُ والتَّلوُّن في الفُصولْ
الغَيمُ ضَنْ
والحَرُّ جُنْ
والكلُّ يسألُكَ المزيدَ ولا سبيلْ
العمرُ مرَّ أيا صديقُ ولمْ نَزَلْ
زمراً تسلِّمنا الدُّروبُ إلى الدُّروبِ بلا أملْ |