عمْ مساءً يا سخي البوحْ
عمْ مساءً أيها المسكون شوقاً وقصائدْ
عمْ مساءً شجرُ الرغبة في عينيك
توقٌ ومواجدْ
عمْ مساءً ثَمِلَتْ جناتُ عدْنٍ
حينما رصّعْتُ جيداً مرمريَ السحر
حُبَّاً وقلائدْ
* * *
عمْ مساءً
أيهذا الراقد الآن قرير العين
قد وفّيتَ قصدكْ
عمْ مساءً أيها المشغوف بالتفاح
والكونُ خميلةْ
عمْ مساءً...
حسدوكَ حينما روّضت عند الفجرِ
والفردوس نومٌ
فرساً كانت أصيلةْ
* * *
عمْ مساءً
أنا ما لُمتك يوماً
عنك قالوا..
أنت قد أغويتها
من بعدِ أن همت بها
ثم هممت
يَشْهدُ الفجرُ على طللِ الوقيعةْ
قال بعضٌ
هي من أغوتك وأردتْكَ صريعا
ليس يعنيني إذا ما كنت أنتَ
أول الجانين في هذي الدنا
أو كنتَ مجنياً عليهْ
ليس يعنيني الذي إلْتَ إليهْ
إنما يقلقلني في الليل فيضُ الأسئلةْ
* * *
قيّض الله لعينيك من الفردوس أنهاراً...
من الغيم سريراً
ووسادةْ
كانت الأطيار حراساً
لكي يهنأَ نومُكْ
وحفيفُ الشجر المخمورِ موسيقا
لكي يرقصَ يومُكْ
وأباريقٌ من الفيروز ملأى بالعسلْ
وعلى يمناك في الليل ملاكْ
وعلى اليسرى ملاكْ
والدوالي مثقلاتٌ بالعناقيد الدوالي
حينما الأحمرُ فيها يتبدى
يُسكبُ الشريان خمراً في الدَّلالِ
* * *
قيلَ إن الجنَّ كانت
طوعَ نعليْكَ وأكثرْ
وبساط الريح مشغولٌ
بحنّاءٍ وعنبرْ
والصباحاتُ التي تأتيك دراقٌ
وسكَّرْ
بحق الله قل لي..ما الذي ينقصُ في الفردوس
كي تبقى وتسْكَرْ؟!
* * *
ما الذي أغواكَ يا سيدنا
كي تترك عرشكْ؟
ولماذا اخترت بين الشوك والصبار
نَعْشَكْ
تَعْصُر الأحجار والأشجار كي تشربَ
قطرةْ
كان بالأمس الندى ملكَ يديكْ
وينابيعُ الربا حكراً عليكْ
فلماذا عفتَ هذا المجد وانهرتَ
ذليلا
ما الذي عايَنْتَهُ مختلفاً
ما الذي قابلته مُسَتلَباً
بين كعبٍ وجديلةْ
أنت ما متّ شهيداً
بل قتيلا
* * *
عمْ مساءً سيدي
لا تلمني إن تماديتُ بأحكامي عليكْ
وجعلتُ الكون أخطاءً
ومن صنع يديكْ
أنا لولا الرغبةُ الحمراءُ في عينيكَ
ما كنتَ شقياً
أتسكعْ
كلما رمتُ رغيفاً
أجبرتني قسوة الأيام أن أغمضَ عينيَّ
وأركعْ
والصباحاتُ على مرمى يدي
نشوى تغني
صودرت معزوفة الأشجار من حقلي
ومني
من ترى أعطاك حقاً حينما قررت عني
مَن سوى ضحكتها المغناج والعين
الكحيلةْ
كان برقٌ يخطف الأبصار والتفاحُ توْقاً
ولهيبُ النار يرجوك الرحيلا
فاهنأ الآن بما أنجزَتهُ
سارت النار بنا جيلاً فجيلا
* * *
عمْ مساءً سيدي
لا تصدقْ أنني أعني الذي أسلفتُ عنكَ
لا تصدق أنني استهجنتُ ذاكَ الفعلَ منكَ
كل ما في الأمر أني عبثاً كنتُ أكابرْ
مثلما المهزومُ في الروح يكابرْ
كيف لي أن أجعل من نفسيَ جلاداً وناكرْ
وأنا المفتون في خمر الجديلةْ
كلما الصبحُ انتشى في خصلتيها
هطلَ الغيمُ نبيذاً مستحيلاً
هطل الغيمُ نبيذاً مستحيلا
* * *
صدر للمؤلف
1 ـ ليل المشاعر ـ شعر دار مجلة الثقافة
2 ـ غريبٌ وأهدابكِ الوطن شعر ـ دار الفكر
3 ـ شجرٌ على الجرح ـ شعر ـ دار المجد..