قبلَ نزوحِ دمي
من أوردة الشاعر
في كانون الثاني
من عام التاسع والخمسينْ
طحنتْ جارتنا حبة قمحٍ واحدةً
في ساحتها الخضراء
وقالت:
هذا ولدٌ من غامض ملكوتِ اللهِ
فردّي عنهُ العينَ، ولا بأسَ
بأن يتألمَ من إصبعكِ الآنْ
فغداً سوف تطيرُ بهِ الناياتُ، إلى
كهفٍ لا ريح بهِ،
أو هَمْسْ
وتطيرُ بهِ أمكنةٌ لا حاضرَ فيها
أو أزمنةٌ لم يتسنَّ لها أن تدخلَ
في دوران الشمسْ
ودعتني
في العام التاسع والخمسين
على هدأتها
سيدةٌ
كي أمتصَّ حليبَ الأزلِ القادم
من أعطاف الخيل
ودعتني سرَّ مرارتها
في آخر ما دوّنهُ الليل
أبكي
من فرط حرارة جارتنا
وأهيمُ كما المجنونُ،
على شرفات المنزلِ،
إذ يفتقدُ الشمعةَ في الدمعةِ
أبكي،
لكنَّ الواحدَ فيَّ شبيهُ أبي
علّمني أن أخطفَ طائره في الليلِ
وأسكنَ عشَّ الصقرِ، لكي لا
يجدعَ أنفي
حارسُ ذاكرة السَّيلِ
وعلّمني أن أقفزَ فوق السُّورِ
لكي لا يعلمَ أبناءَ الصفِّ، بأني
رغم غيابي عن ملكوت الإيقاع اليوميِّ،
أدندنُ في خلوة نفسي
كلَّ مرايا الدرس
وأنا كنتُ الأوّلَ في الموتِ
وأوّلَ من أحيا غصن التاريخِ
وسطّر فائضَ أسطورة حكمتنا الأزليةِ
فوق مرايا الخصبِ
وكنتُ الأوّلَ في تنصيصِ الجرحِ
على حاجةِ ما كان بداخل أقراني
حين كبرنا في باحة عرس
وأبي لم يصدحْ
بجراءة أمي حين دعتني
حارسها الشخصيَّ
هناك على باب الديمومةِ
كنتُ أنا فائضها العسليَّ
وكنتُ أزيلُ غبار البيتِ بأرداني
وأعرِّبُ فيَّ الشاعرَ، حتى يتسنّى للأهلِ،
بأن ينتبهوا
للقادم من أفران القوس
ما بين العام التاسع والخمسين
والقرن الواحد والعشرين
نبتَ الغامضُ في الواضحِ
وانشقَّ العالَمُ طودينِ،
دخلتُ،
ولم ينتبهوا
ودخلتُ إلى ملكوتِ الشعرِ وحيداً
وورائي كان العالَمُ يكتبُ سطرين
*خاضَ غمار الفلسفة الأولى
والكشف
*وأتى بالأسطورة
من أوّلِ حرفٍ في تكوين السيف
حتى أخر حرفٍ مرويٍّ بالطاقاتِ الكبرى
والصغرى،
لولادة نَفْسْ