ذهبوا إلى نزق التعسف
واحتقانات الظنون
نحروا القصائد
بين أعمدة الدخان
وبين صمت العاشقين
وتأبطوا لغة
تفيض قساوة
فوق الشفاه
وتشعل الجمر المخبأ في العيون
لم يفتحوا للشعر نافذةً
ليدخل في ضيافتهم
هواء البحر
يسعف من ترنح في مهاوي الموج
مخذولاً
تطارده عذابات السنين
لم يركبوا شوقاً
رياح القلب
تحملهم إلى فيض المساءات الندية
في جوار الياسمين
لكنهم نفثوا سموم قلوبهم
فتمزق الغيم المسافر
فوق ظمآت الرمال
وجف نبع اللحن موجوعاً
بأيدي العازفين
لم يبق فوق الغصن أوراقٌ
تظلل من يحب رطوبة الأعشاب
لم يبق فوق الجذع أغصان
تلوّن صفحة الأفق المغشى بالسراب
لم يبق غير الحلم مكبوتاً
يحاول أن يفض الليل
كي يمتد مشحوناً
بأدعية التراب
وما تبقى من عذاب الميتين
فليذهبوا برماد أعينهم
إلى ركنٍ توشح بالخيال
لا الليل ينكر ما بحوزتهم
ولا نفط القلوب بهم يضيء
على طريق المتعبين
فكأنهم
كتل من الإسفنج
تمتص الغرائز
كي تفيض بحقدها
في كل ناحيةٍ
تحاول أن ترتب زهرها
مهداً جميلاً
علّه يوماً
يكون محطة للطيبين
ولأنهم من غير ماء
في الوجوه
ولا جباهٍ تستحق تشبهاً
بذرى الجبال
فعيونهم جرداء قائظة
بلا ومض يشق بريقه
ثوب السواد
فبهم دماءٌ أثقلتها
غلظة الآفات
تسري في أنابيب
تساكنها العناكب كالقبور
وبهم عروش الروح خاوية
عليها ترسم الغربان
شارات الخراب
ماضون هم دوماً
على طرق الوقيعة
واقتناص الأسئلة
ماضون من جرفٍ
إلى جرفٍ
برائحة البلادة
في خرائب مهملة
فلأي عاقبةٍ
يقود الليل عتمتهم
بلا أملٍ
يلوح في فضاء الهائمين
فليذهبوا
إنا اختلفنا في نداءات الطريق
وفي دلالات الحروف
فنحن أدرى بالشعاب
إلى اليقين |