من هزّ جذع الأرض!
حتى اسّاقطت فوق المدينة بالغبارْ
لا سرّ يوثقها
فيسكتُ في أنوثتها الزلازل هكذا
حتى يدوّخها الدوارْ
من هزّها غضباً!
لينخر كرهُها عصبَ المدينةِ
كيفما شاءت ذبالات المساء
نسيت شوارعها
فأمّتها نعالُ الريح
حيث تدق جبهتها
على مرأى النهارْ
وذوت نضارتُها التي قد هيأتها
لابتساماتٍ تخبئُ خلفها شوكاً
وأفخاخاً تطيل المكثَ
كي تصطاد أجنحة الضياء
وترهّلت أطرافها مما تكدّس
في جيوبٍ أدمنت شنق البراءةِ
في ابتسامات الصغارْ
وعلت يصدُّ غرورها عطر السماء
وتبيح وأدَ نجومها بطراً
إذا وضعت لياليها الثقال
وبشّرت بقدومها أيدٍ
تلوحُ باشتقاقات الفناء
لم تفترش أرضاً
فيحضنها التراب
يذيقها دفء الأمومة
كلما نفرت ركاب البرد
في المضمار عابثةً بصمتٍ
قد تدثّر بالنعاس
قد نال منها الرمل أوطاراً
وما أبقى بها غير الجفاف
يزيدها ضجراً
ويفتك في جوانبها اليباس
رمضاء حين يشوبها قلقٌ
ويرمد في أعاليها الهواء
حتى تبوء مهيضةً بجناحها
وتظل يفتك في أسرّتها نصال الخوف
من صبحٍ تستّر خلفه غيبٌ
يباغت كل مرتبكٍ بأنفاق الزمان
كانت تضاحكه الشوارعُ
فاستمالت خطوهُ فرحاً بغفلته
فآثر موتَه حياً
ورؤيتها تكشّف عن مفاتنها
فيسقط بين رنّات المعازف
واشتعالات القيان
أسرفن في نهب الكؤوس
فزلزلت أردافهنّ رعونةَ الفوضى
وراءَ نوافذٍ تغتال ليلاً
هائماً بسواده عشقاً
وتجتاح العواصف غابةَ السيقان
تهوي بالجذوعِ وبالقطوف
وتمورُ تحت سقوفها كتلٌ
تفلّت بعضها
والبعض حطّ به انكسار النفس
في ركن البوارْ
أغواهُ طاووسٌ
نما في جوفه عمراً
وأبدى ريشهُ لوناً
يُوفّي النفس ما خسرت
بساحات القمارْ
حين استوت تحت السقوف
ثارت برغبته السيوف
لتحزّ قاماتٍ يخيط الحزنُ في أعماقها
لون الحداد
كملت وما تخفي الستائر
من قلوبٍ أضمرت ناراً
بأعماق الرماد
فتكاتفت كل النوافذِ
في تسترها على هتك ابن آدم
ثوبَ أعراس الحياة
وتوشّحت بسواده الأيامُ
راثيةً بيوتاً لفّها زمن السواد
وتعجلت للموت أوقاتاً
يرتّبها الزمانُ
على الزمان
تمشي فتعييها نداءات الوقوف
وتؤوب واقفةً
فتلسعها سياط الوقتِ
كي تمشي محاذرةً
مواقيتَ الخريف
ما همّها قرعُ الطبول
وجمرة الذكرى
تسير بحرّها خلف النعوش
ما همّها إلا الفرائسُ
خلفها تجري
بأنيابِ الوحوش
شربت أناقتها على مضضٍ
فأرهقها نعاس اللحن
في بهو الكلام
وتجرّعت ـ حتى الثمالةِ ـ
ما تدور به الرياح على المصاطب
في انكسارات الطقوس
وحين تبتكرُ الكؤوس شجاعةً
تضفي على لغة الحوار أنوثةً
فتضيء أعماق النفوس
وتهبُ واقفةً تحاور ما تدور به الرؤوس
ـ أيتُها البيوت الراعفات ـ
أسىً يهب على الشوارع
كلما جنّ الظلام
ومسّ أوتار التراب
والطين داخلها
وفي الساحات أرواحٌ
تسائل عن هياكلَ
لا يسكانها الخراب
فلتخرجي أيتها البيوت
من البيوت
وتطهري ما شئتِ
من دنس السكوت
فبياضُ وقتك بانتظارك
عند نافذة القرار
أو موجةٌ في الأفق هادرةٌ
بزخات الغبار |