أهيلوا عليَّ ترابَ انهماري
فإني وقد آنس النزفُ جرحي
عرفتُ السبيلَ إليكِ
مطافاً من الزهوِ والأمنياتْ
أريجً انتمائك يحملني الآن طلعاً
إلى حيث لا أستريحُ
ولا أستبينُ
خطوط مَدايَ
فكيفَ..
وباصرةُ الروح تبصر ما ليس يبصرهُ الدَّوحُ
فانهمري كالقطوف عليَّ
فقد آذن الوردُ أن ينهلَ الوِرْدَ
ظمآنُ..
لا تجرحي الماءَ بالعطش الرَّهْوِ
هذا نذيرُ الصقيعِ
يريم على عادياتِ الربيعِ
وينهلُّ إثرَ انبهاركِ بالأرجوانِ الأليفِ
فسبحانكِ الآنَ
سبحانَ إسراء قفري
إذا أرهَفَ الدَّوحُ مزمارَ عَسْفِكِ
بالحبّ والذكرياتْ
مريرٌ ربيعكِ
عذبٌ شتاؤكِ
هل يعرف الوقتُ
أن التلاقحَ
بين الحضورِ
وبين الغيابِ
فضاءاتُ قبُّرةٍ
تندبُ الزهرَ إمَّا تفتَّحَ
عشباً من الزمهريرِ
يزاوجُ
بين الرحيلِ
وبين الوصولِ
وما يعرف الوقتُ
إلا عزيفَ الطلولِ
على حافَةِ الفيء
والانتظارْ
وها أنتِ
ها نحنُ
ها ساعة الأوج من لازَوَرْدِ الزمانِ
تشرِّع آن الحصادِ
تسرِّع نهر الرمادِ
وآونة الريح تعولِ
بين الضميرِ
وبين المصيرِ
تقول لفزّاعة الوقتِ:
ها بلبلُ الصمتِ
يحنو على الموتِ
يعلن أن السماواتِ بعد الغشاوةِ
تنثال بَرقاً
وتوقاً
إلى أيكة الريحِ
ثم تعود إلى السافياتِ
طريقاً تعرَّجَ
ثم تموَّجَ
ثم تآخى
مع الدفء والنوءِ
يندب عرَّافة التربِ
لمّا أهالتْ
على الجسد الحيِّ
أنداءَها الذاوياتْ
صريخُ الأوانِ
ولا وقتَ للوقتِ
أن يستعيد من الطلِّ
أثمالَه المقفراتْ
ولكنَّ ركب السعيرِ
على واحة النارِ
يعلن.. أن المحارةَ
لا تسكن البحرَ
أنَّ الحجارةَ
لا تعرفَ الصخرَ
أن النضارةَ
لا تفتن الزهرَ
أن الذي أرهق القطرَ
لابدّ من مهرجان النوارسِ
يغدق آلاءه للخريفِ
وينساحُ
كالوشوشات على نَهَم القَفْرِ
يشرب من قيظه الماءَ
ثم يعود إلى الروضِ
لا زهرةٌ..
لا محارْ
ومن شرفة الصَّدْعِ
ينتبذ السؤلَ
يستلهم الذودَ
عن مارج الصبرِ
طقسُ التورِّد في النارِ
أو في انهيار النهارْ
يجيء على الغيمِ
يمضي على الحلمِ
لا شيء يوقف زحفَ الخصوبةِ
في ردهات القفارْ
وما كان بعدَ رحيل اليماماتِ
من شَغَف الروحِ
إلا نذيرُ الفراشاتِ
أنَّ متاع الزهورِ
تردَّى إلى حمأ الإندحارْ
ولما أهيلَ عليه النضارُ
تسامى إلى الموتِ
من صبوة الموتِ
يعزف للأبد المستجيرِ
بأهدابِ حلم النزيفِ
لحونَ السرائرِ
إن هتّكتْها العنادلُ
فانتحرتْ في الغيابِ
على مذبحٍ لطقوسِ الإيابِ
إذا عاقر الصبحُ
نجمَ التشبٌّثِ
والانتحارْ
***
أهيلوا عليَّ رفاتَ انتظاري
فقد آن للعمر أن يستظلَّ
بأنداء عمري
ويندى الهجيرُ
على زفرات البَوَارْ
فما زال بين الشعاع وبيني
شعاعٌ
تبيَّنَ من دارة الضوءِ
أن الطريق إلى القفرِ
صحوٌ
وأن المسار إلى الصحو
قفرٌ
وإن فوَّف الدربَ عشبٌ
وغرَّد في ضفتيه
كنارْ