أَلِفٌ أبيضُ.
مثلُ صَفصافَةٍ في الذُرى تنبضُ.
ألفٌ أبيضُ.
بإِطارٍ مِنَ الأنجُمِ الموصلّيةِ
بينَ الأهلّةِ حولَ السَّما يومِضُ.
ألفٌ مستنيرٌ كسيفٍ صَقيلِ
قِوامُكِ
هذا الذي يستقيمُ
ويصطَّفُ في نَسَقٍ
وَسْطَ غابٍ في السنديانِ الرشيقِ
يثيرُ الجَمالَ
ويستعرضُ.
بينَما صدرُكِ المتكبِّرُ
نونانِ بالثُلُثِ القرمزيِّ
وجيُدكِ طُغْرا بلونِ البساتينِ
عيناكِ قافانِ مهمومتانِ
بصيدِ الحُروفِ وغَزْلِ النقوشِ
ووجهُكِ بسملةٌ في شِفاهِ القراطيسِ
كفّاكِ عشرونَ سيناً
مِنَ الفِضّةِ القمريةِ
خلفَ الهَوى تركضُ.
***
حينما مَرَّ وجهُكِ فوقَ أديمِ الطُفولةِ
كانَ المَدى سُبُلاً.
كانَ دجلةُ لَمّا يَزَلْ جَدْوَلاً.
والكَواكِبُ لَمّا تَزَلْ شُعَلا.
في ضَميرِ الليّالي
وكفّاكِ تبتدرانِ الينابيعَ في عَجَلٍ
تجمَعُ العَسَلا.
وَتَلّمان في سَلَّةٍ مِنْ حَريرٍ
خَفايا الخُطوطِ
وسِرَّ المِسّلاتِ
والرَيشِ القصيبةِ
شكلَ المَحاريبِ
زخرفةَ العربيةِ
كنتِ منارَةَ وَحْيٍ
وصارَ جمالُكِ ضعفينِ حتى غَدا مَثَلاً.
تدفعينَ زوارِقَكِ الخشبيةَ لليَّمِ
سِرْباً
فَسِرْباً
وأنت تجوبينَ بحراً محيطاً
تَخطينَ مُستقبلاً.
***
وَمَشَيْتِ إلى قارَّةٍ مِنْ حُروفٍ
إلى مُدُنٍ مِنْ خُطوطٍ
إلى كوكبٍ مِنْ رُخامْ.
يفرشُ الشيخُ دربَكِ بالأمنياتِ
ويمشي أمامَكِ مثلَ الحُسامْ.
فإذا شَبَّ عودُكِ
عاماً
فعَام.
وضعَ الصولجانَ بكفّيكِ
ثم مَضى في سلامْ.
***
وبدا صوتُكِ الحُرُ يعلَو
رويداً
رويداً
ومِنْ قَصَبِ السُكَّرِ
المتشكل بينَ يديكِ
أهلةَ نوْرٍ يُضاءُ الكلامْ.
وَيُؤاخي اسمُكِ الحَرْفَ
يا فَرَحاً مِنْ نَهارِ الكتابةِ
يأتي على جنحِ عُصفورةٍ
وعلى قَطَرات الغَمامْ.
يمنحُ العمرُ مَعنىً
ويُعطي لِفوضى الخُطوطِ
غَزالَ النِظامْ.
ها أنا أقسِمُ الآنَ
بالنونِ
والقافِ
والميمِ
واللامِ
أَنَّكِ ظبيٌ تمردَ ضِدَّ سكونِ الظَّلام.
أنتِ أغنيةٌ تلبَسُ العَصْرَ
سلسلةٌ مِنْ زخارِفَ كوفيةٍ
وسوارٌ مِنَ الفضةِ اليمنيةِ
كَأسٌ مِنَ المرمرِ الجَبَليِّ
وإبريقُ خَمْرٍ من المعدنِ الموصليِّ
وروحُ المُدامْ.