إلى الشاعر: عبد القادر الحصني
هكذا دونَ سؤالٍ يكشفُ الأسماءَ
والإنشادَ ليلاً،
دونَ أن أرمي على جمرٍ كلامي.
كنتُ مأخوذاً بما في الروحِ من حزنٍ.
بما في العينِ من غيمٍ،
لأهوي فوقَ روحي نائحاً كالأضرحةْ.
هكذا دونَ سؤالٍ،
دونَ أنْ أرمي على شباكِ
روحي فاتحهْ،
كنتُ أمشي دونَ أن أدري،
بأني في منافي جمرِنا،
قد صرتُ موالاً أُغني،
أو جِراراً عَتّقتْ كلَّ انكسارٍ،
ثم غطّاها نشيدٌ للمغني،
وهو يرمي الصوتَ روحاً،
ثم تَدمى في يديهِ الأجنحةْ
هكذا دونَ سؤالٍ
كنتُ أطوي حاضراً،
كي ترتمي خمسونَ عاماً
عندَ موّالِ الفراتْ.
يرتمي خمسونَ جرحاً،
وجنازاتٌ، وأشجارٌ من الدمعِ
على شباكِ روحي،
وخيامُ الخوفِ ترمي سرَّها في الكائناتْ
هكذا دونَ سؤالٍ،
كنتُ أرمي جوهرَ الأحزانِ
فوقَ الأرضِ، أو فوقَ مياهٍ،
عَلَّ لُغزاً آخراً يشرحُ
ما كانَ على هذي المنافي
كي أنادي
شاعراً يعلو على جرحِ الكلامْ.
فيرى العالمَ يهوي في سياجٍ من أنينْ.
هَشّمتْ روحَ المغني،
ثم نامتْ في السلامْ.
هكذا أعترفُ الآن بأنا،
لم نكنْ غيرَ صقيعٍ في مدى الروحِ،
سرابٍ يمضغُ الأحلامَ حتى العظمِ،
حتى زهرةِ الدفلى،
وحتى ما ترامى في الخيامْ.
هكذا أعترفُ الآنْ،
أرضُنا الأولى تناءَتْ،
أجّرَتْ تاريخَها،
ثم انتهتْ في موجةٍ
خلفَ البكاءْ،
والدمُ الباقي تهادى في ثلوجٍ،
لم يعدْ في أرضنا ملحٌ،
وصرنا نقرأُ القرآنَ منسوخاً،
ليعلو نجمُ يهوه،
ثم ننسى ما ترامى في وصايا الأنبياءْ.
هكذا أعترفُ الآنْ،
كلّما حدّقتُ في جرحي
أرى ما لا يُرى،
روحٌ يساقُ اليومَ جهراً،
ثم يُرمى صوتُه فوقَ الهباءْ.
هكذا أعترفُ الآنَ أمامَك،
أنَّ ما يثقلُ هذي الروحَ ضوءٌ
يتهجّى الشعرَ،
أو درباً تُداري وجعَ العمرِ
بثوبِ الذكرياتْ.
فإذا نامتْ إليكَ الروحُ يوماً
فاتركِ الميناءَ فيها،
قد يهجّي دربُها هذي الحياةْ.