يَعَضُّ الليلُ مُهْجَتَهُ ويُدْمِيْهَا...
ويَبقى ساهِِراً أبَداً لِيَنْسَاهَا
ولا يَنْسَى..
ويَأسَى كُلَّما ارْتَعَشَتْ
حَبيبتُهُ بِخَاطِرِهِ...
على أَنْسَامِ حاضِرِهِ
ويَرْمي نَفْسَهُ فيها!..
يَمُوءُ حَنينُهُ.. يَعْوي..
وَيَزْأَرُ مِنْ شَراسَتِهِ.. وَيَأْكُلُهُ!..
وَيأكُلُهُ.. وَيأكُلُهُ..
حنينٌ لِلْفَضَاءِ الرَّحْبِ..
لِلمرّيخِ والزُّهْرَهْ..
حنينٌ لِلْبداياتِ النِّهائِيَّهْ..
حنينٌ دائِمُ الحُمْرَهْ...
كَمَطْعُونٍ مَشَى في دَرْبِ حُرِّيَّهْ..
يُفَتِّشُ عَنْ قَصِيدَتِهِ..
يُنَقِّبُ عَنْ حَبيبَتِهِ..
وَيَرْضَى دائماً يَرْضَى
لأَجْلِ عُيُونِها يَرْضَى...
بِلَيلٍ أبيضِ العينَينِ يَرْمُقُهُ
بِنَظْرتِهِ الخُرافيَّهْ!..
*
يَنَامُ على صَدَى صَوْتٍ يُلاَحِقُهُ..
وَيَبْقَى ساهِراً أبَداً
ولا يَصْحُو!..
وَيَمْحُو عَنْ حَبيبتِهِ
غُبَارَ تَراكُمِ الأيّامِ يَغْسِلُهَا
بِمَاءٍ لا تَراهُ العينُ في الدُّنيا..
وَيُلْبِسُهَا رَمُوشَ عُيُونِهِ ثَوْباً..
يُعَطِّرُهَا بِعِطْرِ مَلاَكِهِ السَّارِحْ!..
يُمَشِّطُ شَعْرَهَا بِيَدَيْهِ
يَحْمِلُها على حُلُمٍ يُرافِقُهُ..
ويكتُبُ حينَ يَفْقِدُهَا:
أَنَامُ هُنَا على الصَّخْرِ..
وأَشْوي فوقَ جَمْرِ الجُوعِ أَحْجَارِيْ..
وأَشْربُ دائماً قَهْرِي..
هُنَا في ظُلْمَةِ الغَارِ..
أنا المَجْرُوحُ والجَارِحْ..
أنا الجُرْحُ!..
أَنَامُ على صَدَى صَوْتٍ يُلاَحِقُني
ولا أَصْحُو...
*
هُنَا سَالتْ دِمَاءُ الطَّعْنَةِ الأُوْلَى
وما زالتْ بَقِيَّتُهَا
تُنَدِّي زَهْرَةَ الإِحْسَاسِ بِالأَلَمِ الرَّبيعيِّ..
العُروقُ الآنَ وَاجِفَةٌ..
وفي العَينَيْنِ آثارٌ مِنَ السَّهَرِ الخَرِيفيِّ..
الليالي مَرْتَعُ الأَشْباحِ..
يا شَبَحِي!
كَفَى سَهَراً!..
لَقَدْ ذَوَّبْتَ لي جَفْنَيَّ.. فَاتْرُكْني
وَنَمْ.. لا تَصْحُ.. نَمْ حَتَّى
أَرَى بَوَّابَةً أُخْرَى
لِهذي الغُرْفَةِ الصَّمَّاءِ..
تُخْرِجُني..
وتُدْخِلُني إلى جَوٍّ مِنَ الليمُونِ
والعَسَلِ الطَّبيعيِّ!..
الليالي مَرْتَعُ الأَشْبَاحِ..
يا شَبَحِيْ!
أنا شَبَحِيْ!..