أبحرتُ في رؤيا ملوحتِكَ الشقيّةِ
وانكفأتُ..
تهشّمَ الإبحارُ مسروداً
على ظهرِ الزبدْ.
ناديتُ كي أرفو ثقوبَ الملحِ
فانشقَّ المرادُ
من الصممْ.
يا أيهّا المظنونُ
كم ركضَ الفؤادُ على سهامِ الذعرِ
كم ركضَ الصقيعُ يعيدني
لأُجنَّ من وجلي ومن بأسي
وأُفقدُ في الجحودِ
أتيهُ ما بينَ الأصابعِ
والتهمْ!
إني على مرمى قناديلٍ
وأسمعُ صوتَها.
لكنني لا أُبصرُ العتباتِ
لا ألوي على قربٍ
يرتّبُ من مجاهيلي خروجاً
كي تحاولَني..
لأدخلَ ركنَكَ الموتورَ..
حاولْني
لأخلصَ من شقاقاتِ الضجيجِ
تطوّفُ الزبدَ العجيبَ
وخمرةَ الزمنِ العدمْ.
* * *
بي من هواكَ تشافقُ الأورادِ في قلبي
وأُمطرُ بالغسوقْ!.
هل أبدأُ الجرعاتِ من كأسٍ
أُداهمهُ بخيباتٍ وهزجٍ
يَتْفُلُ النبضَ المرتّبَ..
خائباً،
ويمضّهُ لحنٌ
يخربشُ رقصَهُ
في الانحناءِ
وفي الضلالةِ،
والوئامْ!.
مَنْ يخرج الشهواتِ
مِنْ لججِ الغموضِ،
ومن أصابعَ..
داجتِ الأبوابَ
كي يصفو الضياعْ؟!..
منذا يعيل الماء تهطالاً
ليغسلَ تربةَ الجسدِ
المغفّلِ بالحرامْ.
لمْ أسهُ عنكِ
ولم أضعْ في السهوِ
ها أنذا أعودُ لكي أحدّثَ
أو أنالَ حكايةً
عبقتْ بزهرِ نوافذٍ
صَدِئتْ على جدرانها.
وتصدّعتْ أنّاتُها خوفَ انقراضٍ
أو ذبولٍ..
يُبْهتُ الوجعَ المديدَ
ويصدئُ المدنَ التي بدأتْ تشطُّ
وتستوي في اللهوِ..
ناسجةً مراميها..
وأوطارَ الفصامْ.
تسهو المدائنُ..
عن أحاديثِ النهارِ
وتقتفي ظلَّ الوحولْ؟!.
يسهو النهارُ عن التذكرِ
والظهيرةِ والغروبِ..
وعن سرائرهِ المُصَاغةِ بالمرارِ
وطعمِ أقوالٍ مدجنّةٍ تطولُ
إلى قلائدَ زيّنتْ
ظهرَ القوامْ!.
* * *
صمتٌ،
وصمتٌ آخرُ.
يتوجَّعُ الصمتُ المكدّسُ
فوق ألسنةِ الملمَّاتِ الوسيعةِ
ها سماءُ الجرحِ ترمدُ
مِنْ تعاطيها سحاباتٍ مكسرةً
وأحلاماً تغورُ
على دخانِ سلافةٍ
لتصيرَ في طيِّ السقامْ.
إني أسافنكَ البلاءَ،
ولا أجيئكَ مثلما كانَ المجيءُ يرجُّني
ويبيحُني لخوائِهِ المغدورِ
ثمَّ يعودُ يغفلني
ليرجعَ مرّةً أخرى..
ويرجوني الزحامْ.
فرغَ المجيءُ من الخطا
وتبوأ الزمنَ الهلاكْ.
صمتٌ..
وصمتٌ آخرُ.
ومشارفُ الأيامِ واطئةٌ
وتعلوها ستائرُ طُرّزتْ
بعبابِ ديجورٍ غضاريِّ الهوان.
أضحيتُ مثلك
أو قريبتَكَ الملولةَ أُركنتْ
في ظلِّ عَدْوٍ حائرِ اللهثاتِ
مفتوحاً..
على داءِ الغمامْ.
أنتَ الوقوفُ على مشارفَ
لا تملُّ من النداءِ
ولا تحلُّ صعودَهَا المجنونَ
من جدلِ الغبارِ
وقد تملكتِ الحروفَ
وأدخلتْ في أبجدياتِ النواحِ
نحيبَ فتنتها..
ومعصيةَ الغرامْ!
أنتَ الوقوفُ على مشارفَ
تطمسُ الأشياءَ في ليلٍ
يصولُ على غوايتهِ
ويدلسُ في الوعودْ.
أضحيت مثلك إنما..
أبحرتُ في كلِّ الوعودِ
لكي أردَّكَ قبل آفاتِ الجنوحِ،
وقبلَ جدرانِ السكونِ
وقبلَ هجعتِكَ الأسيّةِ..
قربَ غمدِ الرملِ محمولاً
على خصرِ النواقيسِ الرجوجةِ
والقتامْ.
صمتٌ وصمتٌ آخرُ..
وحريقُ ريحانٍ
يغيّبُ وجنةَ الأفقِ القريبةِ
عن شفاهٍ برعمتْ شوقَ الورودْ.
الصمتُ غابَ..
وعادَ ظلَّ سكينةٍ عمياءَ
أدخلتِ الوقارَ على يباسكَ
وانفلشتَ على هزائمَ ضيّعتْ
عنكَ الضفافَ..
وقوَّستْ في لجّك المخدوعِ
أمواجَ الكلامْ.