مُدَّ لي خلوةً
من سراحِ الكرى والوسنْ.
يعظمُ الخِدْرُ في يقظتي
وأنامُ على ساعدِ الفجرِ
مزدانةً بالرهامْ.
فالنعيبُ اللصيقُ بلحمِ الهواءِ
يُريقُ المناحاتِ مضفورةً بالوهنْ.
مُدَّ لي خلوةً..
شحبتْ في سحابي المضيءِ
مزاراتُ حرّي..
خوى من شذاهُ المخضَّبِ
برُّ الغروبْ.
وانتهى وارفٌ..
أبيضُ الخصبِ والمشتهى،
وانتهى..
مثلما يَتْلَفُ القلبَ
فجُّ النضوبْ.
***
وَسَّعَ الشوقُ من خشيتي
واجتبى عاتقي
مهملٌ من ترابْ
وَسِّعِ الارتضاءَ بخسرٍ ثقيلٍ عليكَ
ولا تقشعرُّ غصونُكَ
من قبلةٍ أخطأتني..
وقد رمْتُها في نقاءِ عقوقي
وفي عندمِ الانتظارِ،
ولم تشترعْ رعشها في دمي
أو تَذبْ في الجمارِ..
أُبيحتْ ثيابي وجلدي حبالاً..
تُسلِّقُ وعدَ المحالِ الغزيرْ.
نأتْ قامتي في حضوري..
وذابتْ صريراً.
سُبِيْتُ بوعرٍ على جانبيَّ
أمامي وخلفي..
يبطّنُ فوقي
منالَ الثمالاتِ من ثغرِ عمرٍ رديءٍ
وتحتي يميدُ خؤوناً،
وصدريَ بيداءُ
محشودةٌ بالصفيرْ.
***
مُدَّ لي خلوةَ المشتهى.
من براريكَ مأهولةً بالندى..
والحفيفِ الموشَّى
بهدرِ الخريرْ
يقظتي..
هرجٌ باهظٌ
مِنْ قَبيْلِ الفراغِ المُهانِ،
ومن شفقٍ كالسرابِ
يقيمُ فجاجَ العويلِ
ويقتصُّ من عسلي جانحاً
في الركامِ الكتيمْ.
أيها المتعبُ..
أيها الظامئُ المُسْغَبُ
يا سليلَ السحابِ الذي أهتديهِ
ويشمسني قطرُهُ.
جدولي أعزلٌ
من حريرِ النباتِ الخضيلِ
وهذي الورودُ المقيمةُ فيهِ
استكانتْ..
على ضفتيهِ شموعاً
تخيفُ النسيمَ،
وإني أنوسُ
وأُطفأُ مثلَ الشتاتِ
فَهَبْ لي
من اللفحِ ما تستطيعُ وما كانَ،
أو كنْتُهُ،
أو يكونْ..
ليلحمَ عريي الترابيَّ
ينبوعُكَ المستهامُ،
ويلبسُ قدّي صعوداً
إلى لهفةٍ ترجعُ البكرَ فيَّ
فيسطعُ زغبي ومائي.
وأصفو على حدِّ خدرِكَ
مثلَ الرذاذِ الرخيمْ.
***
وجهةُ الناي مقفلةٌ
في يديِّ الهبابْ.
والجهاتُ الغريبةُ شرقاً، جنوباً
وغرباً، شمالاً.
وَشبهُ جهاتٍ
تقضّبُ ناري.
وتخلعُ عني خمارَ الزفافِ
وتبؤسُ زغرودةٌ في الرحيلِ،
قبالةَ ركنٍ عريقٍ..
يجهّزُ هدرَ اللعابْ.
يا عريسَ دمي
هل تعثّرتَ بالصَخَبِ المصطلي
والهتافِ النقيضِ،
وبعثركَ المسُّ لفحاً يتوهْ؟.
أم تهدّمت مثلَ العبابِ الشقيِّ
وفي حيرةٍ أو محارٍ خبيثٍ
توكأتَ رأبَ الضبابِ
لما صدّعتهُ خيولُ الضبابْ!.
***
إِقتفِ أنّتي
في شهيقي الملوّثِ قهراً،
ووشمِ الجباهِ بنورِ شموخٍ
خرافيةٌ كلُّ أبعاده النافرةْ.
وسناهُ النحاسيُّ يسبي
نسوغَ التراب.
اخلعِ الآن ثوبيَ عني
وفكَّ حصاريَ منه
ترَ الانهيارَ..
يشقّقُ سترَ مطافٍ
ويهوي قطافٌ
ويذوي لثامٌ وخيمٌ..
ليظهرَ كونٌ يعاف الحواسْ.
افتحِ الآن عريي المقطعَ سفكاً
وحاراتِ طلحٍ،
وفكَّ حزام السنين
ولا تخشَ سرّاً
ترَ الوقت فيَّ كساءَ دخانٍ
يُسَاقطُ أنصال وخزٍ
تُحدّدُ رمسي..
وتنسخُ فوق دمي رجسَها
والمذاقَ السقيمْ.
***
مُدَّ لي خلوةً لستَ تبخلُ فيها
ليفتحَ خوفي الجسورُ خبائي.
إن بي من قريرِ المدى
حِقْوَ موتٍ بليغٍ
وبي من قروحِ الهسيسِ
مساقُ الشقاءِ.