لأنتِ مررتِ
وأشبعتِ فيَّ خيالي اللهوفَ
لفيءٍ..
يصونُ رصيفي الأخيرَ،
وميثاقَ ثلجٍ..
تخوَّفتُ من صدعِهِ..
والترابِ المُذابِ بصحراءِ
وَقْدٍ كفيفْ.
أنا ما أزالُ تليداً
بأتعابِ صمتي..
وأتعابكِ الشائكةْ.
ويقفو سراحيَ تيهٌ لقيطٌ
يشدُّ عليَّ رداءَ القتامِ،
ويمحو ندائي.
ويجعلني لا أكفُّ عن الامتثالِ لأفقٍ
لهُ في اليباسِ حلولٌ..
تشبُّ على خبثها والوسيعِ
من الانتشاءِ التليفِ
وأسوارهِ الهالكةْ.
أكفُّ..
وتنهضُ رؤياي كيما
تحلَّ يقيني بأني
تيقّظتُ من عِلّةٍ زَيّنتْ بالجليدِ
مقامَ رقادي.
وصرتُ أرى مثلما كنتُ
والنار ُمحلولةٌ في غموضٍ.
أرى ما غفلتِ
وأُبْعِدْتِ عنهُ..
وغادرَ أبعدَ عنكِ
وَنِحْتِ عليهِ.
أرى ما رأيتِ
ولم تستطيعي اللحاقَ
بجرحٍ لظيٍّ..
وَتُوْفي نذورَ الذهابِ
إلى شعلةٍ أو إيابٍ
يقدّسُ بين يديكِ
يديهِ.
مررتِ..
دخلتُ إلى وقفةٍ هائمةْ.
وكانت صروفٌ معمِّرةٌ
فوقَ صدرِ السكونِ المقيتِ
وترقبُ ريحَ القوافلِ تَعْلَقُ فيها
لترتاحَ من أمسها
والفتوحِ المخيفةْ.
مررتِ، وأمسِ، وقبلُ..
طواني مرورٌ
وبي منهُ أشلاؤهُ تحتسيني
وبي غصّةٌ..
أعتمتْ صلبَ صدري
الذي كان.. قُومي اسْكنيني
لأخلصَ من ربقةٍ
دوَّرتْ نملها سائلاً
في يباسِ سكوني
***
أجوبُ خلالَ هدوءٍ مريعٍ
أقاصي مراياكِ ألقى
شقوقَ بوارٍ
ترابطُ مجدولةً كالفحيحِ
وتخشنُ سوداءَ حولَ
صليلِ الزفيرِ الكتومِ.
أجوبُ ـ رجوعاً ـ عميقَ الشقوقِ
فأُلقى أصمَّاً وخصماً،
له رهبةٌ في ارْتِكَانِ اللظى
وامْتطارِ صحارى الدجى..
والقعيدِ من الذكرياتِ.
أدقُّ على بابكِ البردِ
هل تقبلينَ فضولي المعتَّقَ قيظاً؟!..
وهل تفتحينَ عليَّ اللهاثَ
ليتلفَ ماهسَّتِ النارُ
من شحِّها والبصيصِ الطفوءِ..
ونبضِ السراةِ.
لأنتْ مررتِ
وكانت نوافذُ وقتي تنوءُ
بماجدَّ من جَهَمٍ ضارعٍ
وافتراعِ غصونِ الهبوطِ
نزولاً إلى غابةِ الاغتسالِ
وخلعِ لحاءِ الرمادْ.
طواني مروركِ..
كم حرتُ أو حيّرتني
تراتيلُ منسلّةٌ من هجيرِ الطبولِ
وداخلةٌ في بروقٍ
خلتْ من فروضِ النجيعِ
وتبغي ملاذَ عراءٍ
تكدّسُهُ كالعظامِ الهشيمةِ
تنفخُ فيه،
فيلتاعُ من صيحةٍ لُوّنَتْ بالخضابِ
تدوّي بطهرٍ
ويسرٍ طهورٍ
وتنسابُ فوقَ الرؤوسِ
المدلاّةِ صبَّاً..
وسهداً...
ونخراً.
رؤوسٌ مشجّرةٌ بالعقوقِ
ومحمومةٌ بالغناءِ
على مَرِّ ليلٍ يذرُّ الخطايا.
نهارٍ يُريْبُ الحكايا.
وأزمنةٍ مِنْ بكاءِ الوصايا!.
رؤوسٌ..
ويعرجُ فيها حوارُ سلالٍ
مرتبةٍ كالنفورِ
أمامَ.. وراءَ خيوطِ الدماءِ
لوطءِ القبائلِ والمقعدينَ عن النارِ
والرافلينَ بوهجٍ صقيلِ الطراوةِ
كيفَ ألملمُ عن حيرتي شغلَها
بالعجيبِ الحلوبِ،
وأدنو بها من وضوحِ السرابِ؟!..
لأنتِ مررتِ..
وإني خلالَ هدوءِ مريعٍ أجوبُ
أقاصي مراياكِ أُلقى
أصمَّاً وخصماً.
ولا صبوة في لظايَ.
وإني عميٌّ أُخلُّ برملِ المرايا.