سنكتبُ من آخرِ الحبرِ
لا وقت للموتِ.
لا وقت للظلماتِ الوديعاتِ.
لا نستطيع انتظارَ القصيدة.
في حضرةِ النسوةِ الجالساتِ على الوردِ
يَفْتَحْنَ أذرعةً للحنينِ.
ويَفْتِنَّ مِثلَ إناثِ العصافير أزواجهنَّ.
هنا أولُ الليلِ.
آخرُ ما تستطيعُ المرايا المشعةُ تحتَ القميصِ إثارتَه
وآخرُ ما يستطيعُ الخريفُ تناولَهُ.
من جموحِ الشبابِ
ومن رقةِ الناي
لا نستطيع انتظارَ الكثيرِ من الخمرِ والعمرِ.
والشهواتِ اللجوجاتِ واللذةِ الطازجةْ.
متى تفتحينَ البراعمَ للنحل في جسدي يا امرأةْ؟
تعالَ معَ الليل تلقَ القميصَ على حافة الوقتِ.
والجسدَ الليلكيَّ أنينْ.
سآتي مع الصبح.
لن تجد امرأة في السريرِ، سيرتحل الحلمُ والأغنياتُ.
وتلقى دماً ساكناً لا يريمْ.
-التراتيل-
وللأمنيات التي رفعتْ ذاتَ يومٍ جبينكَ
أن تحفرَ الآن قبراً يليقُ بهذا الشجنْ
ولليل أن يستريح كأفعى على عتبة الباب
ها أنتَ تصمتُ.
ها نحن نسألُ:
هل آخرُ الحلمِ موتٌ جديدٌ لطفلٍ كبيرٍ،
وعشرونَ مجزرة للوطنْ؟
له أنْ يرى حزنه واقفاً،
يعانق امرأة من قصبْ
له أن يرى نصفَه ذاهلاً،
نصفَه جاثياً.
طفلَهُ نائماً في ليالي المجاعاتِ،
يرقُبُ أمّاً تعيدُ الوعودَ
ويرسمُ بالدمع كوبَ اللبنْ،
له أن يرى حزنَهُ راكضاً
كخروفٍ وديعٍ
ومستوحشاً مثل وردِ القبور
ومستسلماً .......
هذه الطائراتُ الوديعاتُ،
تفتحُ شرنقةً، وتطيرُ
لتحفرَ منتجعاً في الدماغِ
وتبكي كثيراً على الأوفياءِ
ولستَ وحيداً إذن يا صديقي
أمامكَ أغنيةٌ وسماء وكأسٌ من الجن والشرفات
وتنورةُ امرأة، إذ ترفُّ
تطيرُ العصافيرُ من تحتها
وتوزّعُ أناتِها في الحقولِ
أمامكَ مقهى تحنُّ إليه
وأرصفةٌ لا تملُّ التسكعَ
هيا معاً
لنعيدَ الخريفَ إلى جلسةٍ
دفئها عارمٌ
ونعيدَ الطيورَ لأعشاشِها
نحنُ كنا فضاءً
تهيمُ العصافيرُ فيه غناء
ولكنك الآنَ
صعبٌ، عصيٌّ على الشهواتِ.
ومستفردٌ بالسكونِ الجميلِ
ومستأنسٌ لبياضِ الكفنْ
ومستسلمٌ لدموعِ الوطنْ.