على عَوْرةِ الوقتِ
رفّتْ بيارقُ نصرٍ كَذوبٍ
وألقى ظلالَ الرجالِ السلاحُ
وألقوا سراويلَهم واستراحوا.
أكانَ زماناً رديئا؟
بلى يا صديقي
وقد صارَ ذُلاًّ بذيئا
إلى أينَ يا حبّةَ القلبِ سارتْ بكَ الدربُ،
في أيِّ خانٍ أناخوا
وحطّوا عظامَ الذينَ تواروا، على ميعةِ العمرِ
في نسغِ زيتونةٍ في الجليلِ
وغابوا معَ الليلِ والريحِ،
غابوا بأشلاءِ حلمٍ وجيعٍ قتيلِ.
بداياتُ ذا الدربِ كانتْ \"إلى النصرِ\"
صارتْ إلى القبرِ
هذي أريحا تُواعدُ أعلامَنا الناكساتِ
وتفتحُ بئراً وبئراً لأشباحِنا المتعباتِ.
طويلٌ هو الليلُ، أعمى،
ويحرقُ بالصمتِ حلمَ الصبايا
اللواتي تكلَّلنَ بالحزنِ والأمنياتِ
طويلٌ وأعمى
ولكنّ فجراً جميلاً
سيبزغُ من صرخةِ الوالداتِ
أطاشَ الرصاصُ أمِ ارْتَدَّ في الصدرِ وَرْدا
ومَنْ واربَ البابَ، من دلَّ يهوا؟
ومن أينَ ذا الدودُ ياخلُّ فيكَ؟
على كاذبِ الوهمِ مادتْ أريحا
أقاموا على الريحِ عرشاً ونعشاً
فأغمدتَ سيفاً، وقيّدتَ نهرا
وقدَّمتَ للربِّ شعباً ذَبيحا
أريحا التي تاهَ فيها هشامٌ،
وتاهت بقصرِ هشامٍ
وجاءت إليها العواصمُ تسعى
من الصّينِ حتّى بحارِ الظّلامِ
وجئتَ تحاولُ مُلكاً كَسيحا
أسمّكَ نُوحا
فَنُحْ ما يشاءُ لكَ النَّوحُ،
واندبْ قراباتكَ الهالكينَ،
أبناءَ صلبكَ، غَرْقَى على النارِ والملحِ،
طفلاً يجاذبُ طفلاً طَريحا
تَطاولْ على المغرقينَ العراةِ
ودُسْ مَنْ تشاءُ، وسِرْ بالسفينةِ أنّى تشاءُ
فلا فُلْكَ يُنجي، ولا عرشَ يُنجي
ولا عاصمَ اليومَ من غدرِ \"يهوا\"
لكَ اليومَ أن تستميحَ المرايا هتافا
وتأمرَ ظِلاًّ، وتنهى سرابا
ونبقى بصُلْبِ الترابِ لتبتلعَ الأرضُ طوفانَهم
ونَذْرُوا مع الوهمِ أدرانهم
فهذا الهواءُ لنا
وهذي العناقيدُ من كرمنا
لنا ضفّةٌ في يمينِ الفؤادِ
وأخرى على بابِ عكّا
وثالثةٌ في شِعَابِ الجليلِ وبابِ دمشقَ
لنا ضفّةٌ في شِغَافِ الشّغافِ
فخذْ ما تشاءُ، وهبْ ما تشاءُ
فإنّ لنا النهرَ فيما تُسِرُّ الأجِنَّةُ،
والبحرَ فيما وراءَ الضلوعِ الدفيئةِ يشتو.