كم من شجر يبكي
في حضن المساء؟
كم من أشياء تجمع دموعها
وتشكو للبحر؟
كم من امرأةٍ تنتحب
كلما أقبل ربيع جديد،
وكلما تفتحت زهرةٌ
كلما حلقت ابتسامة
فوق شفاه القمر؟
كم تعبنا من الأسفار؟
كم شتتنا هواء الدروب؟
كم غيمة تلاشت في فضاء
أرواحنا الذابلة؟
كم غنينا معاً؟
وكم أبحر بنا الليل
إلى مصبات الضياع؟
كم أقفر البيت من أصواتهم؟
لم يبق للبيت شط
لم يبق للبيت فيء
لم يبق شيء
كم طائر ابتعد؟
وكم عاشقة لوحت بمنديلها للمراكب؟
كم أم انتصب خيالُ ابنها شراعاً
فوق سارية الموج؟
كم قبلة طبعتْ في قامته الخيزران؟
كم
ابتعد خلف الشعاب؟
كم أثراً مرَّ؟
كم رائحة عبرتْ؟
مازال عطره معلقاً
على جدار القلب
لم تصدق أنه ابتعد
لم تصدق أنه مات
مازال حاضراً بين يديها كزهرة.
مازال حزنها طويلاً
كم من الأقحوان حملتْ لقبره؟
كم مرة قالت له:
ــ حزني عليك
ــ قلبي غابة تحترق.