في يدهِ الصغيرةِ،
كتابٌ من الغيوم ،
رسوماتٌ حزينة،
وطيورُ موت .
يرنو الغريبُ لنافذةِ البحر
دمٌ ينزفُ أغانيه كفَّ المحيط:
بعيدةٌ هي الأرض
بعيدةٌ هي السواحل
بعيدةٌ بيت علان(1) ..
شجرةُ الخرنوبِ، قد تعصفُ
بها الأيامُ الماجنة .
بعيدةٌ تلك الصنوبراتُ التي
تقاربُ العشرين
آهٍ! ربما فقدْتُ واحدةً منها،
ربما سقطت تحتَ فأسِ الريح؟
( ( (
غريبٌ وحفنةٌ دم
بقايا ترابٍ أبيضَ،
هناكَ، يحتضنُ كلَّ العظام،
والوجوهِ التي كانت تبتسمُ
أيه! أينَ سترقدُ يا صاحبي؟
هنا؟
هناكَ؟
بينَ الرمالِ،
تحركُ عظامُك أمواجَ المحيط
صباحَ المحيطِ الغريب
صباحَ المدنِ الغريبة
صباحَ اللغةِ والوطنِ الغريب.
( ( (
صباحَ رجلٍ غريب،
دائرةٍ صفراءُ، وسريرٌ أبيض
دمٌ ساخنٌ يركبُ زورقَ الغيم،
بمجذافيه يضربُ بابَ الميناء .
بلا مرفأ أيها الدمُ الراكبُ زورقَهُ
ماتت المرافئُ أيُّها المسافرُ
صار البحرُ صدرَ النهاياتِ
آخرُ المرافئ باردةٌ يا ..
أيُّها الصدرُ
يا .. أيَّتها المسافات
ويا .. أيُّها الوطنُ البعيدُ.
( ( (
صباحٌ رماديٌ
صباحُ غريبٍ يجوبُ أنهارَ صدرِهِ
يلملمُ عصافيرَ دمِهِ المزمعةِ على الرحيلِ .
صباحٌ رماديٌ يخبيءُ في عيونِهِ،
خيوطَ شمسٍ كانتْ تشرقُ فوقَ
شاطئ قبر مغمسٍ بأحجارِ الرحيلِ.
( ( (
صباحٌ رمادي يُغلِق نوافذَ الغيمِ
غريبٌ يرسمُ بعينيه فوقَ
دفترِ المحيط:
حدودَ قريتهِ الصغيرةِ
حدودَ وطنهِ الفسيحِ
مسالكَ الدروبِ
ومباهجَ الطفولةِ .
غريبٌ وحزمةٌ من الموجِ
ليلٌ مرصوفٌ بالشواهدِ
صباحٌ يتأبطُ كتابَ غيومٍ صغيرٍ .