قد يأتي الأرضَ على عجلٍ
وعلى غير عوائِدِهِ
يطرح للفصلِ القادمِ
كلَّ جرائِدِهِ
ويصبُّ لذيذَ قصائِدِهِ
قد يأتي... لا يطرق باباً
كي يستأذنَ مَنْ في البيتِ
ومَنْ في القلبِ
ومَنْ في الروحِ
ومَنْ في ذاكرةِ الأزهارْ
لكِ مثلُ جميعِ الوردِ
ومثلُ هلالِ الحبِّ
ومثلُ ضفافِ الوقتِ
تساند روحي
حين يضيق الكونُ على ملأ من أطياري
ولكِ اللّهُ
تباهينَ بشمعِ يديكِ
فيشغفني وَرْدُ شَبابِكِ
يشعِل شوقي
في شرفاتٍ كادتْ تنسى
شدْوَ الشوقِ
لكِ اللهُ تجيئينَ ولكنْ
أقدَر مِنْ عاصفةٍ في الصحراءِ
وأروع مافي الغابةِ من أسرارْ
عنقودي ما زالَ كأغنيةٍ
تتمشَّى في أروقةِ الأوراقِ
وفوق أكفِّ الأفنانِ
وبين رفيفِ النسمةِ
فوق الأنهارْ
أيلولُ عناقيدُ مواعيدْ
وأيائلُ مِن فرحٍ
أسطوريٍّ
وأناشيدْ
مرَّتْ أيلولاتٌ فوق يديَّ سِراعاً مثلَ شراعِ اللحظاتْ
فرَّتْ مثلَ غزالاتٍ شاردةٍ
لم يخطرْ في بال الشادنِ
أنْ سوفَ يمرُّ العمرُ
وتسّاقط أغلى الأوراقِ
وأشهى الثمراتْ
أيلولُ بكِ الآنَ
يدحرجني من قمَّةِ تذكاري
أنا ظبيٌ.. كنتُ أرود الماءَ أَراني فيه
أعجبني ما تكشف لي مرآةُ الماءْ
لكنّي لم أتطاولْ قطُّ على أرنبْ
أو سنجابْ
كنتُ أحسُّ بحبٍّ يغمرني
يملأ هذا الكونَ
كما تفعم رائحةُ الوردِ كتابَ الأحبابْ
بكِ أيلولُ يعيد لذاكرة البحر
نوارسَهُ
ولداليةِ الحلْمِ
عرائشَها
ولقلبي أيلولُ يُعيدُكِ
كي نبني في هذا الكونِ معاً
ما خرّبهُ الأوغادْ
ما هتكتْهُ
زمناً
تلك الأحقادْ
.. كان جديراً أن يصمدَ كلُّ العشاقِ بوجه الطوفانْ
أن يستَلَّ الشعرُ السُّمَّ
ويقذفهُ حولَهْ
كي يحمي ظلَّهْ
كان جديراً
ألاّ نستوقف لونَ الوردةِ
كانَ وكانْ..
أدرك أنّ يداً واحدةً
لا تحدِثُ تصفيقاً
أو تحمل بوقَيْن
لكنْ من بذرةِ حقلٍ واحدةٍ
يمكن أن يُبْدَعَ
بستانٌ
يُؤتي أكلاً
أكثر عن فصلَين
وجديرٌ أن يأتي أيلولُ
ويحملني كشعاع الضحكةِ نحوكِ
أو يحمل كالغيمة طيفَكِ
أو يرفع نحو عيوني وردَكِ
مغموراً بالنورْ
أو يجلب لونَكِ في المصباحِ
المسرورْ..
جدُّ جديرْ
أن يحملَ لي قلبَكِ
كالعصفورِ ينقّرُ فوق شبابيكي
يوقظني مثلَ عبيرٍ ينسابُ ندياً
من فاتحة الوردِ
ويرنو
كي يهْدلَ بالشِّعرِ وبالإشعاعْ
يوقظني مثلَ فَراشٍ
يحمل دفءَ الضوءِ
ويتركني فوق حرير التَّوقِ
وبين تلالِ التُّوتْ
كالصبِّ الملتاعْ
يوقظني فيكِ..
وأيلولُ
على بابي
نقَّرَ منذ قليل
وعلى غير عوائدِهِ
يأتي الليلةَ مشغوفاً يخلع بردتَهُ
مشغولاً بمشاربهِ ومشاعرِهِ
بالديمةِ
تغسل كلَّ شراشفِهِ
تمسح بالنسمةِ سُقْم أساهْ
أيْلول..
على بابي
وصداكِ الآتي
سوف يُعرِّي زمناً
كان يعربد مَنْسياً
منْفياً..
يا صرخةَ قلبٍ متّحدٍ متّقدٍ
هاتي
صرّةَ أحلامِ بلادي
هاتي..
يكفي عالَمنا هذا الظلُّ العاتي
وفريداً
وهْج المصباح الحارق نحملُهُ
يتمطَّى في الظلِّ وئيدا
يطرد كلَّ خفافيش العتمةْ
وبريداً
في يدنا نوصِلُهُ
لرفاقٍ عشّاقٍ
في آخر ميناءٍ
في أعلى.. قِمّةْ