زهرةٌ من بناتِ القفارْ
صعدِتْ جبلاً
وترامتْ على سفحهِ عذبةً
مثلَ قصّة حُبٍّ
ومنسابةً مثل رمحٍ..
توكّأهُ العاشقُ الجبليُّ
وراحتْ تحثُّ خطاها إلى قلبنا كلَّ حينْ
برشّةِ عطرٍ
وذكرى انتصارْ
إنّها حَبّةُ القلبِ
قد حملتْ سرّها مثلَ كنز ثمينٍ
مشتْ في عروق الزمانِ
ترتّل أهزوجةَ الحبِ والكبرياءْ
رنتْ في القفار الفسيحاتِ
مفردةً كصلاةْ
تشكُّ بمئزرها سيفَها
ثم تشرعهُ
فتهزُّ القفارُ عناقيدها
من دمٍ
ويسّاقطُ الغضب الآدميُّ
وتمشي البلادُ إلى مجدها
فتمدّ خطاهْ
\"سويداءُ\" هذي القلوبِ
زهتْ بالرماح الذكيّاتِ
قديسةً في زمان الضلالْ
بها تاهَ نخلُ الحجازِ
وأرسل أشعاره مثلَ قيس المعذبِ
وَهْيَ تتيهُ بفرسانها إذ يجيئونَ
تحت البيارق من كلّ فجٍّ
لهم من صهيلِ الخيول حداءٌ
وعهدٌ قديم روته الدماءْ
تظلُّ العمامة بيضاءَ
أعلى من الجرح والرمح والأمنياتْ
تُسدُّ بها فوّهاتُ المدافعِ
تزهو كثلج السفوحِ التي قد
تسلّقها المجدُ والسنديانْ
لأجلكِ يا عذبةَ المقلتينِ
يجيش غناءُ الصبايا
وهُن يعدْنَ من النبع صبحاً
على صدر سفحكِ سحّتْ مياهُ الفصولْ
فحنّتْ صخور البلاد الحبيبة بالأرجوانْ
سويداءُ يا حبّةَ القلبِ قولي
لمن تلبس الأرض ثوب الزفافِ
وتعلنُ مولدها اليعربيَّ؟
لمن تصهل الخيلُ رازمةً مثلَ سوق الحدادةِ
من أوّلِ الصبحِ
مُسْرَجةً تعلل اللُّجمَ؟
سيدتي
ها فتاكِ أتى
ندّياً، رقيقاً كأَهلِ قُراكِ
كمثلِ الربيع يجيءُ
فتحتفلُ الأرضُ
والإخوةُ الناهضونَ لإعلاء مجد الوطنْ
يجيءُ يشقُّ البحارَ
ليُخرجَ من مائها ثمراً طيباً
وعيونَ نبيذٍ
عباءتُه الغيمُ، سابغةً
فيحثُّ الترابُ عصارته في عروق الشجرْ
لتنتفضَ الخضرةُ الباهرةْ
تباغتُ عشّاقها بالثمرْ
يجيءُ فتاكِ
يهزُّ مناديله في القفارِ
فيندى بها الخصبُ
يُولد \"سلطانُ\"
يروي حكايتَهُ للحقولِ الحزينةِ
مرتجلاً لحظةَ البَدْءِ
خطّتهُ للبلاد التي وقفتْ
للعيونِ التي برقتْ
مثلَ وهج السيوفِ
مدجّجةً بالغضبْ
يُولد سلطانُ
تحمله الأرضُ في جفنها
مثلَ كرْم العنبْ
يحطُّ على سيفه طائرُ الكبرياءِ
يرتّلُ أنشودةً للعربْ:
\"بغير السيف التي امتُشقتْ
لا تُردَّ الحقوقُ..
ولا يخفق البيرق العربيُّ
بغير الغضبْ\"
***
سويداءُ
بُشراك، ها دمُنا لم يضِعْ
إنّه لا يزال يبوح بمعجزة العشقِ
يكتب مجدَ الوطنْ
فجئناكِ
نشربُ قهوتك العربيّةَ
نُنشِد طولَ الزمنْ:
حماةَ الديارِ عليكم سلامْ
أبتْ أنْ تذلَّ
وكيف تذلُّ نفوسٌ كرامْ؟ |