إلى أمي...
عَيْنَاكِ شَاحبتانِ..
ماذا؟
أَقْفَرَتْ مِنْ مائِها..
الآهاتُ..
أَمْ شَبِعَتْ بكاءً..
مقلتاكِ؟
ما هكذا عَوَّدْتِني..
وبجانحيكِ الآنَ..
ما يُشجيكِ..
حتى العَظَمَ..
هَلْ هذي عَبَاءتُكِ..
التي تطويكِ..
أمْ لونُ المآتِمِ..
أَمْ أَسَاكِ؟
إنّي أراكِ..
[وَهَلْ أراكِ؟!].
تُحدِّقينَ الآنَ..
في الدُّنيا..
ولكنْ لا ترينَ..
سوى فَتَاكِ
تَمضي بهِ الطُّرُقاتُ..
مِنْ منفىً..
إلى منفى..
كما انْقَلَبَتْ بكِ..
الأحوالُ..
وانطفأتْ..
مَصَابيحُ العِراقِ
فتُجاذبينَ الصَّمْتَ والجدرانَ..
والذكرى
حديثَ رَسيمنا..
في غابةِ السَّنَواتِ..
والفِسَحِ العقيمةِ..
والمَسَرَّاتِ المؤجَّلةِ..
العِتاقِ
أيَّامَ كانَ جبينُكِ..
الرَّاقي..
ينوءُ بآهةٍ منِّي
وإِنْ لَمْ تُحْنِهِ الأَزَماتُ..
وَهْيَ كثيرةٌ..
وامتَدَّ راقي
ما القَهْرُ..
ما الأَرْزاءُ..
ما العَثَرَاتُ..
مادامَ العِراقُ..
يَسِيرُ..
والأحوالُ \"ماشيةً\"..
ونحنُ مَعَاً..
على قَدَمٍ وَسَاقِ
حتَّى هَوَتْ..
في غَفْلَةٍ مِنَّا..
يدُ الشَّيطانِ..
فوقَ سَمائِنا الأولى
فوجهُ الأرضِ..
خارطةٌ مِنَ الأشْلاءِ..
والأحزانِ..
والمنفى
وكأنَّنا مِنْ أُمَّةٍ بادَتْ
فنحنُ شَتاتُها..
البَاقي..
هُنا وهناكَ..
نَحْيَا بانْتِظارِ اللَّعنةِ الصَّفْراءَ..
أَنْ تَعْفَى
عَيْناكِ..
تَنْطَفِئانِ..
يا أمِّي
ألا تُبقينَ شيئاً..
مِنْ ضيائِهمَا..
لأواخِرِ الظَّلَموتِ..
إنَّ رَحيلَهُ..
قَدْحَانَ..
أو أَشْفَى!