يا عمِّي الشيخُ
أنا من زمنٍ منفردُ الروحِ
حزينْ!
منذ سنينٍ
وأنا الطاعنُ في الأحزانِ
أعاقرُ خمرَ الليلِ وحيداً
وأرتّلُ قدّاسَ الوحشةِ
منذ سنينْ!
زوِّجني ابنتكَ الملأى عاطفةً!
كي تحملَ ماءَ النبعِ حلالاً
كدماءِ الوردِ إلى بيتي،
وتمدَّ على حبلِ الصبحِ
زغاريدَ أنوثتها البيضاءَ..
فيفرحُ ربَّانُ الباكينْ!
لا تسألْ عن كوخي!
:خلفَ ضفافِ المغربِ كوخي
حيثُ تنامُ الشمسُ كامرأةِ الفقراءِ
ويطلعُ مكتملاً قمرُ الياسينْ.
أو ملكي:
شبّابةُ حزنٍ ظامئةٌ للريحِ،
وخنجرُ أسلافٍ معقوفِ النصلِ
يحدّقُ في الغادينْ
فأنا القرويُّ المنسيُّ وراءَ كرومِ التينْ
جئتُ لأخطبَ ودَّ صبيتكَ البيضاءِ
فهبها للعاشقِ يا مولايَ!
فهذي الليلةُ مقمرةٌ،
والروحُ تفيضُ حناناً وحنانْ.
هبها للعاشقِ
كي يتأمّلَ أسرابَ حساسينِ الفجرِ
بعينيها
تتساقطُ فوقَ ضماداتِ الروحِ
كأزهارِ الرمانْ.
هبها للعاشقِ يا مولاي!
فقد زقزقَ دوريُّ اللوزِ
وفتّحَ آسُ الحزنِ
وفاحتْ رائحةُ الريحانْ.
يالابنتكَ الملأى عاطفةً:
سبعُ أنامل موسيقى
سارحةٌ في حقلِ السوسنِ
مثل صغارِ الغزلانْ!
وإوزّةُ إنشادٍ راجعةٌ عند المغربِ
من شجرِ الأرزِ العالي
نحو القمحِ
لتغفو تحتَ جناحيها البيضاوينِ
كآلهةٍ من غفرانْ!
أبصرتُ سماواتِ الحزنِ بعينيها
ومواويلَ الصيفِ بمغربنا الريفيِّ
وأولَ ساعاتِ الأحزانْ
يا عمِّي الشيخُ بحقِّ الوردِ
وحقِّ شروقِ الشمس
وحقِّ العنب الناضج في البستانْ
زوِّجنيها تحت غناءِ نجومِ الليلِ السهرانةِ
ولترأفْ بالروح كهولتكَ السمحةُ
\"فالعاشقُ نشوانْ\"!