وبعدَ غيابكَ
مرَّ الحمامُ جريحاً على شجرِ الدارِ
والذئبُ ولّى
ويبَّسَ فلَّ المساءِ بحاكورةِ الحبِّ
بعد غيابكْ.
وحطَّ الغمامُ على باحةِ البيتِ يشتو
فناحتْ على الشرفةِ الريحُ بردانةً كالعصافيرِ
لم تتعرَّفْ إلى روحها في شقوقِ الجدارِ
ولكنها انصرفتْ لتنزفَ كالناي
خلفَ سحابكْ!
وجاءَ الفقيرُ ودقَّ على البابِ
لم يستمع أحدٌ لتوجُّعِ حنطتهِ في الجرارِ،
ولم ينتبه قمرٌ لقناديل أحزانهِ فاستدارَ
إلى مطلعِ الفجرِ يرقبُ طيرَ الأناشيدِ
وهو يحلّقُ مثلَ سيوفٍ من الحزنِ
فوقَ ضِيَاعِكْ،
وجاءتْ فتاةٌ بعمرِ الرياحينِ،
جاءتْ بكلِّ حساسينها
لتقولَ أحبُّكَ
لكنها قبل أن تفتحَ البابَ
دقَّتْ على الذكرياتِ،
لتوقظها من سباتِ المواعيدِ
واسَّاقطتْ وبكلِّ تنانيرها الخضرِ
فوقَ ضريحِ فراقكْ.
وغَيَّمَ أيلولُ في شَجْرةِ التينِ
لم يبنِ عشَّاً على غيمةِ التوتِ
كي يتزوَّجَ أنثى،
فينجب طفلاً بريئاً
يلاعبُ بالوردِ شباكَ داركْ.
وبعدَ غيابكَ
لبلابةُ الدارِ هرّتْ
ومالتْ على الحزنِ
صفصافةُ النهرِ
لم تبقَ إلا سماءٌ مبللةٌ بالدموعِ
وذكرى
مهدَّمةٌ فوقَ أطلالِ قبركْ