أينما تذهبينَ
سيذهبُ خلفكِ حزني
ويتبعكِ النايُ نايُ البكاءِ الطويلْ!
كأنكِ أغنيةٌ لا يفارقها الحزنُ،
بُحةُ أيلولَ في ورقِ التينِ،
طيرٌ يفتّشُ عن عشِّهِ
في شمالِ النخيلْ!
فغمِّي على صدرِ قيثارةٍ؛
لأموتَ قليلاً وأحيا!
أما كانَ يمكنُ أن نتباكى على بعضنا
قبلَ حزنِ الحساسينِ في شجرِ التوتِ؟
هذا خريفٌ أخيرٌ
سنذهبُ منفردينِ!
أما كانَ يمكنُ أن نتعايشَ
قربَ غديرٍ صغير
كفرخيْ حمامٍ
يحبَّانِ في القمحِ صوتَ الهديلْ؟
ونمضي حبيبينِ عندَ الغروبِ
يضمَّانِ بعضهما
ويسيرانِ في شارعِ العمرِ منكسرينِ
وقد جَمَّ غيمُ الرحيلْ.
أما كانَ يمكنُ أن أتعايشَ قربَ
جدائلِ شعركِ
مثل سنونو يرفرفُ بالحبِّ عند الأصيلْ؟
فليتكِ كنتِ حماميَّةً
لتكشِّي عن الدارِ رفَّ الدواريْ!
ويا ليتني بلبلٌ
لأعيشَ على شَلْحَةِ الفلِّ قربَ سريركِ
وهو يهدهدُ رَيْحَانَهُ في البراريْ!
ويا ليتني نسمةٌ
لأهفَّ على ثوبِ عرسكِ
كيما تغاري!
وأبني على شجرِ البنِّ صبحاً لحبّكِ
في الحزنِ يحبسُ خاتمُ حبكِ قلبي،
ويتركني شارداً كالفراشةِ
حولَ سراجِ النهارِ.
ونبقى حنونينِ، ملتفتينِ إلى بعضنا،
وغريبينِ يتبعنا النايُ
من دارِ منفى الحياة
لمنفى الديارِ.
فيا ليتَ كنا صغيرينِ
في أولِ العمرِ
نرعى الحماماتِ فوقَ سطوحِ البيوتِ
بريئينِ من دونِ حزنٍ
نلاهي بأيامنا لعبَ الحبِّ بين الدفاترِ
نركضُ خلفَ الغيومِ
لنسبقَ أغنيةَ الانتظارِ.
***
أينما تذهبينَ سيذهبُ خلفكِ
نايُ الحنانِ الحزينْ.
فغطِّي هلالَ العراقِ بمنديلك البدويِّ!
لأبكي قليلاً على صدرِ طيّونةٍ،
وأودعَ قبرَ الحسينْ. |