أنا وجدائلُ شعركِ
كنا نحوكُ ثيابَ الخريفْ.
* * *
وكنا حبيبينِ عندَ الغروبِ
نعمِّرُ كوخاً من الريحِ
أبوابُهُ من غيابٍ
وشباكهُ من حفيفْ.
* * *
وكنا نساهرُ في الصيفِ مريمَ
حين تمرُّ بحلّتها الليلكيةِ
بعدَ المساءِ
ونبكي على قمرِ الأمسياتِ الكفيفْ!
* * *
ولكنْ كبرنا معَ الريحِ حيناً
وحيناً مع الحورِ
وا أسفاه!!
حبيبين من بُحَّةٍ وحفيفْ!
* * *
أنا وجدائلُ شعركِ
طرنا كطيرِ حمامٍ،
وغيمةِ قمحٍ
نسافرُ كالهدهداتِ
إلى آخرِ الصيفِ
طيرٌ وحنطتهُ؟
بلبلٌ وأصيلْ.
* * *
يسابقنا الأرزُ
والنايُ يسبقنا
للهواءِ الملحّنِ فوق الحواكيرِ
شعركِ ليلٌ
وقلبي كفرخِ اليمامِ
ينامُ على غيمةٍ من هديلْ.
* * *
فجاءَ شتاءٌ حزينٌ
ولَمَّ عن الدارِ أوراقنا
ومضى تاركاً روحنا
معلّقةً في فضاءِ الرحيلْ.
* * *
وكنا نصلّي مع اللوز في
شهرِ أيارَ
حيث المدى طيّبٌ،
والزمانٌ أحنُّ.
* * *
فصرنا على ضفّةِ النهرِ
صَبْرَةَ قمحٍ
يهبُّ على هَدْيِهَا
هدهدٌ من غناءٍ
ويحدبُ حزنُ.
* * *
شببنا على شجرِ الكينياءِ المعمّرِ
عمراً من الهدهداتِ
نغازلُ ريشَ العصافيرِ
لكنْ سقطنا مع الزهرِ يوماً
وراحتْ تنوحُ على روحنا حدأةٌ،
ويقطّعُ أشجانَهُ
بحريرِ المواويلِ لحنُ.
* * *
أنا وجدائلُ شعركِ
طيرانِ مرتحلانِ
إلى قمرٍ موحشٍ في الهبوبْ.
* * *
يحنُّ إلينا جمالُ الفراشاتِ
والبرتقالُ الحزينُ
تحنُّ الغيومُ إلى بيتنا في الأعالي،
تحنُّ الشمالُ إلى ريحنا في الجنوبْ.
* * *
أنا وجدائلُ شعركِ نفترقُ الآنَ
كلُّ إلى حزنهِ
أنا للدموعِ
وشعركِ كيما يمطّرَ أحزانَهُ
السودَ
فوقَ ديارِ الغروبْ