إلى الأحبة الراحلين إلى
المجهول جميعاً.. مع الاعتذار\"
\"نصٌ نثري\"
-1-
أقف على مفترق المتاهة..
أنزفُ الأصدقاءَ..
راحلاً.. راحلاً
إلى البلدان البعيدةِ
المغطاةٍ بالضبابِ والثلجِ
واللغات التي لا تتجاوز حدودها
يتوزعون على المجهول..!!
-2-
بلا وداعٍ يرحلون
بصمتٍ وسريةٍ تامةٍ
وكثيرٍ من الجفوةِ..
رغم أنهم يتركون في القلبِ
لوعةً...
وحسراتٍ..
وكثيراً من الحزنِ والدمعِ وخيبةِ الأمل
-3-
لم يعدْ في سنوات العمرِ..
ما يحتملُ الانتظارَ..
وليس فيه ما يغري بسفرٍ مماثلْ...
ولا تزالُ الخيباتُ المتلاحقةُ
زادنا اليومي..
وربما ستغطي ما بقيَ
من ساعاتِ العمرِ أيضا
-4-
يتناسى الراحلون غالباً
مَنْ خلفوهم وراءهم..!!
يتناسونَ سنواتٍ من الأخوّة والمودةِ
واقتسام جحيم الغربة والنفي..!!
وينسون أن هناك اختراعاً
اسمه \"البريد\" أيضا..!
-5-
في صندوق بريدي..
ليس إلاّ الغبار
وحين تفاجئني أحياناً بعض الرسائل فيه..
أكتشفُ أنها موضوعة خطأً هناك..
قبل أن تكتمل فرحتي بقراءتها..
فتعودُ الابتسامة إلى مستقرها
تجرجر أذيالَ الخيبة..!
-6-
تستعصي الأسماء على الذاكرة..
لكثرتها
وتستعصي الأرقامُ على الإحصاء..
فلم يعدْ هناك من الأرقام والأصفارِ
ما يكفي لإضافاتٍ جديدة..!!
وقد ضاقت البلدانُ
المتاخمةُ للنسيانِ أيضا..
-7-
لأنكم تنسون...
فنحنُ لا ننسى
ولأنكم تتجاهلونَ..
فنحنُ نتذكرُ.
ولأنكم تقطعونَ
فنحن نواصل
ولأنكم.. ولأنكم.. ولأنكم..
- ولكن إلى متى..؟!
- لم يحنْ أوانُ الإجابةِ بعدُ...
فما زال في القلبِ
متسعٌ لهمومٍ جديدة..
ومازالَ في العينِ
نبعُ دموعٍ غزيرةٍ أخرى..!!
ومازال هناك..
مواضعُ لطعناتٍ حبيبةٍ أخرى..!!
-8-
سلاماً
لكلِ الذين ثووا
في الزوايا من القلبِ
واستوطنوا الروحَ
مروا بأحزانها.. هازئين
سلاماً لكم أجمعين
سلاماً لكم أجمعين
-9-
وعذراً
إذا أتخمتْ لغتي
الهمهماتْ
وضاقت بحلمِ اللقاءِ البعيدِ
المواجعُ.. والتَمتماتْ
فما زلتُ أحملكم
أصطفي الودَ والشوقَ
والأمنياتْ
وأنثرها..
بين أسمائكم
واحداً.. واحداً
في دروبِ المتاهةِ..
دوامةِ البعيدِ..
ذاكرةِ الوجدِ..
أغنيةً للحياةْ