كم كان حلواً
ذلك الوقت الذي كنّا معاً
فيه نمارس صوتَنا
ونحبُّ أشياءً ونمقتُ بعضَها،
كم كان عاجيّاً ومختصراً
لتاريخٍ ملأناهُ بدمعِ القلبِ
ناديناهُ.. ناديناهُ:
أنْ: قفْ!
..قفْ على الدربِ الذي
حفظَتْ يداهُ قلوبنا
ثمّ احتمينا بين حنطتِهِ
وحمَّلناهُ رائحةَ المطَرْ.
***
كنّا نحاربُ بعضَنا مِنْهُ
نواسي حزننا فيهِ
ونفتحُ في يديهِ علبةَ الأحلامِ
نرسمُ حقلَهُ المطريَّ
تفَّاحاً من الذكرى
وطائرَ جلَّنارْ.
كم كنتُ أحرسُ ما يخبِّئُهُ الحنينُ
ولستُ أعلمُ ما يخبِّئُهُ لساني،
ضاقتِ الكلماتُ بي
والأفقُ ضاقْ.
***
لا تنتظرْ شيئاً
فما في القلبِ من وردٍ
ومافي الوردِ
من حُلُمٍ لِدَرْبِ القلبِ
نحضنُهُ.. ونحضنُهُ
ونُطعمُهُ حليبَ الفرحةِ الأولى،
نُدرِّبُهُ على الذكرى
فينحبسُ الكلامُ
ويستقيلُ الغيمُ من قاموسنا.
ياقلبُ وحدَكَ عارياً تبقى
تَكلِّمُ بعضَكَ المفقودَ
يا منسيُّ.. ياقلبي..!
..يحنِّطُنا الغيابُ المرُّ
يتركنا على بوّابةِ الذكرى
ويسكنُنا اختناقْ.
ها أنت وحدَكَ
تحمل الماضي على كتفيكَ
تلهثُ تحت أكياسِ اشتياقْ
ها أنتَ وحدَكَ
خابَ ظنّكَ،
غابَ فجرُكَ..
جئتَ يا قلبي الصموتَ محمَّلاً بالجرحِ
تختصرُ القُرى
وتجرّ خطوتَكَ الكسيرةَ
نحو معتقلِ الفِراقْ.
ماذا وراءَكَ أو أمامكَ
كي تعانقَ فرحةً
هي لن تجيءَ
بلا صقيعٍ لا يُطاقْ.
***
ماذا وراءَكَ أو أمامَكَ
كي تُخبئَ عُمرَكَ الآتي
وتُقفلَ صوتَكَ المطعونَ بالذكرى
وتبكي..
ثمّ لا تُبكي
?? أتبقى دونما دمعٍ..!
تريدُ بأن تظلَّ بلا عناقٍ حافلٍ بالفجرِ
تخرسُ كلَّما هبَّ الحبقْ؛
***
وكأنَّ عمرَكَ
ليس صندوقاً لعاشقةٍ تُخبِّئُ حزنَها
حتّى تؤكِّدَ أنها صوتُ الألقْ.
مَنْ ذا سيُوقِفُ نزفَكَ القزحيَّ
يقطفُ من حدائِقَكَ الصّباحَ
ويسلك الطُّرُقَ التي لا تنتهي نحو البلادِ
يضمُّ خصرَكَ
أو تضمُّ صياحَهُ الحُلُميَّ
مَنْ..؟!
مَنْ ذا سيُوقظُ صمتَكَ العاتي،
لتفرشَ في يد الآتي
تسابيحَ اللقاءِ
وخطوةَ القمرِ الذي لا يشتهي
إلاَّ اكتمالاتِ العبقْ.
أَيظلَّ هذا الباب يبكي
كلّما فتحت جداولها الصباحاتُ البعيدَهْ؟
أيظلُّ صوتي عالقاً
بفراشةِ الحزنِ الملثَّمِ
دائماً تتكهربُ الأحزانُ في روحي
وتبقى غرفتي ملغومةً
وأَنا أصيرُ المنغلَقْ؟!