مِثلَ رَميمِ الضوءِ ينهَدُّ
مُعشوشباً
أَرَّجَهُ السُّهْدُ
مُكَفكِفاً خُطاهُ
عن جَنَّةٍ لم تنسَهُ دروبُها بَعْدُ
نَومٌ صغيرٌ كان في جَيبِهِ ونجْمةٌ
أزرى بها البرْدُ
وحُزْنُهُ الغفيرُ فانوسُهُ؛
إذْ حَولَهُ النهارُ
يَرتدُّ
تَشجَّنَ البرْقُ
على بابِهِ،
ونامَ في جَبينِهِ الرعْدُ
مفتتناً بكوثرٍ غامضٍ
يَهُزُّ أُرجوانَهُ
بُعْدُ
تجيئُهُ البلادُ
مَسفوكةً في نورسٍ
يَلْهو بهِ المَدُّ
فيُغمدُ الوصولَ
في جمرةٍ؛
مِن حولِها تَنثَّرَ الفقْدُ
وكلُّ أرضٍ هي دربٌ
إلى عِراقِهِ البعيدِ تَمتدُّ
شَميمُهُ
ما زالَ في روحِهِ،
ومن فراتيهِ لهُ شهْدُ
يَندغمُ النخيلُ
في صوتِهِ،
وأَلْفُ عصفورٍ
بهِ يشدو
هو الذي اغرورقَ فيهِ الضحى؛
وبَعْدَهُ
تَوعَّرَ الورْدُ
يُشاغِفُ الحُدوسَ
مُستوحداً،
مِنْ خلْفِهِ نيازكٌ
تَعْدو
وكلّما مَرَّ على (حوأبٍ) تنبحُهُ الكلابُ
والجُنْدُ
قالَ: اتبعوني يا سُكارى
إذا أقْفرَ صَوتٌ،
وانحَنى وجْدُ
فنحْنُ للآتينَ تلْويحةٌ،
وفي فَراغٍ بائدٍ
حَشْدُ
يا سيِّدي النديمَ،
مهجورةٌ أيامُنا والريحُ تشتدُّ
فلْتسْقِنا صِرْفاً،
ولا تلتفتْ،
قد سكِرَ الصيادُ والصيْدُ
ولْتُشرِقِ الكأسُ على ظِلِّنا، فالعمْرُ سهْوٌ،
والمَدى كَيْدُ
لَيلتُنا
(تَسَلْفَنَتْ) بالأَسى؛
ودُونَ مَنْ هِمْنا بهِ
سَدُّ
هواؤنا
كَمائنٌ مُرَّةٌ،
وراءَها
تَبرَّجَ القيْدُ
في غَبشِ العشقِ التقينا بلا خُطىً،
وآخى ضِدَّهُ الضدُّ
نَقترضُ السماءَ مِن كُوَّةٍ،
لعلَّ منها أفُقاً
يَبْدو
فكلُّ ما نَعْنيهِ
مُستوحِشٌ،
وقصْدُنا ليس لهُ قصدُ
إنْ نحترقْ، نُولدْ حَفيفاً،
وإنْ نأتِ بلا وعْدٍ،
هو الوعْدُ