قصائد
1 - كهولة الدم
... متهالكاً،
تتفقدُ الأسماءَ في وجدٍ،
وتعبركَ الغيومُ الناشفاتُ
بلا خيوطِ الماءِ
والرهجِ الجميلْ.
هي قسوةٌ...
ألقتْ عليكَ تحيةَ الطينِ الذي
أسرى برأفتكَ الحنونةِ
من هبوطِ النارِ
حتى الارتدادَ على خطاكْ.
والليلُ يُشعثُ ما تهادلَ
من نسيمٍ
في لظى القلبِ
الخضيلْ.
مطرٌ يخفُّ إلى انطواءِ بائسٍ
أوَ كنتَ تأملُ أن يزخَّ
لتغسلَ الفلواتُ ظلمتها
وأقدامَ الحقولْ.
أو كنتَ تأملُ
أن تقومَ إليه من قيلولةٍ
وَجِعَتْ بأصفرها
وأكملَ نحبها وطرٌ
تجرجره الرغائبُ هائجاتٍ
والطبولْ.
***
وجعاً يبعثركَ الهوى .
وتشمُّ رائحةَ الهطولِ
فتضحكُ الأمواجُ في عينيكَ
والوجهِ الذي عَذُبَتْ ملامحُهُ
وأغدقَ في الورودْ.
الريحُ نائسةً تعودْ.
هل أُشعلُ الدمعَ، الجنونَ،
وخيبةَ السهرِ الشقية؟
أمْ أطفئ اللهفاتِ مالحةً
ومثقلةَ النوى!
نَضُبَ التراشق بالولهْ.
يبسَ العبيرُ على جناحيّ الوجيبِ،
وفي البعيدِ أو القريبِ،
وبين أشلاءِ الحضورِ أو الغيابِ
دمٌ يشعُّ كهولةً،
خرجتْ تدورُ على انحدارٍ ليّنٍ.
ورجولةً...
نضبتْ على مرِّ الضياع.
أخشى عليكَ من الرجوعِ
وأنتَ مفتقدٌ هواكْ.
يا أيها الطفلُ الذي تنهارُ
بين يديهِ لعبتُهُ ويركضُ
في اتجاهاتِ الجوى.
ويضمُهُ صدرُ الهلاكْ.
2 - وردة البحر
وجهكِ البحرُ نامْ
بعدما أيقظ الموجَ للاغتسالِ
فكان صباحٌ من الجلنارِ،
يفتّحُ برقَ الهيامْ.
إنها ساعةٌ خرجتْ
عن دوارٍ، ضبابٍ
لتجرحَ في الذاكراتِ الملوحةْ.
لم تكن حلماً،
أو خيالَ بياضَ
على جُدُرِ العتمِ ، بل وهجِ زيتونة
ضوأتْ غرَّةَ النارِ والياسمينِ
وشدّتْ إليها بحزنٍ سحيقٍ
فأجَّ الغمامْ.
أورقَ المستحيلُ على وجنتيكِ
ومن راحتيكِ
تدفّقَ وَقْدُ الصباحِ الدفوءِ،
وخيلُ الورودِ الجموحةْ.
3 - السنين
فجأةً،
رحلتْ
دونما أن تمرَّ على خيبتي
أو تردَّ ملامحَ نسيانها
والصدودْ.
غربتْ...
مثلما يغربُ الصوتُ
في رجّةِ الصمتِ
والضجّةِ الخاويةْ .
رحلتْ ولها...
في ندائي عليها،
نحيبٌ
وجلدُ غبارٍ
واسمٌ حرورٌ
يجعّدُ نطقي
ومغناهُ
والأحرفُ الحانيةْ.
دائماً،
كنتُ في عبئها،
وازدحامِ سراباتها والدوار المريعْ.
أجتلي ما وراءَ رذاذٍ
يدقُّ شبابيكَ جلبتها
وانفلات شظايا المرايا،
لتعبثَ في الانطفاءِ،
وأحلامها الساريةْ
آهِ كم شوشتْ لغتي
واستمالتْ شفاه دمي...
عندما كنتُ أرشقها بالهدوءِ،
وأمضي،
لأدفعَ عنها..
حصى الحلم، علَّ تثوبُ
إلى مترعِ الرشدِ أو تستقيمُ
ولكنّها...
فجأةً رحلتْ
دونما أن تمرَّ
على خيبتي الحافيةْ.
4 - تعب آخر
وأضنى دمي محْلهمْ يا براري العناءِ العظيمِ
أعيدي اتكائي
على فيء ساقية صاخبهْ.
هو البحرُ جاءَ،
وأودعني سرّه وهواه.
وحمّلني مايطيبُ لكِ من هلاكي.
وأعطيته مايطيبُ له من سرائر طفلٍ
تخلّى عن الكذبِ الحلوِ،
أشعلَ بين يديكِ رؤاه.
وأثقل في المفرداتِ الوجيعاتِ
والخوفِ،
ضاعتْ يداه.
قريباً من الاحتراقِ
وضوع ثراه.
5- عتمة النهار
يدّلهمُّ النهارُ
وكل الشوارع أخلتْ رصيفي،
وأمسيتُ في وحدتي داخلاً
في سوادٍ شديدٍ تعرّى
وحولي المسافات تَعْرَى
على شكلِ ريحٍ
تمزّقَ عنها قميصُ الفضاءِ
وضاقتْ عليها
تخومُ العبورْ.
...توغلتُ في وحدتي والغناءِ،
أغنيّكِ...
بل أحتمي بالغناءِ إليكِ
لأخلصَ مِنْ موعدٍ
كالظهيرةِ يأتي
ويُودع حزني إرثَ الرمادِ
وما يشبهُ الحلم
أو رأسه شاحباً
وعميقَ الضمورْ. |