وحدَهُ الكائنُ الموسميُّ الذي شئتهُ حينَ كانَ ينامْ
وحدَهُ الأرضُ والوجعُ الآدميُّ الذي ينتمي لاشتياقي
ويطرقُ قلبي كما يطرقُ الصيفُ طين الحقولِ.. كرومَ القرى..
لوزَ نبعِ الظهيرةِ.. شُهدَ الظلامْ
لقدْ ضاقَ هذا السلامْ
وضيّقتِ الحربُ أعمارَنا
فانفردنا نطاولُ نجمَ الطفولةِ.. وهم البطولةِ
ماءَ الشموسِ الغضيراتِ.. أحلامنا والخطايا
وتلكَ الظلالَ الشحيحةَ إذ تنقضي في المرايا
كما لم أكنْ.. كانَ مهيارُ يعلو ربيعَ الحطامِ
يتوّجُ عرشَ البراءةِ..
يمضي إلى لعبٍ أخضرٍ فوقَ عشبِ الحديقةِ
يعرفُ أن الحقيقةَ وجدٌ ينامُ على شرفةِ المستحيلِ
ويعرفُ أنّ الطريقةَ ضاعتْ.. وغابَ الدليلُ
رأيتُ الأسى يستبيحُ المسرّةَ والكائناتِ
يُفتّحُ جرحاً تخثّرَ تحتَ سماءِ الخليقةِ، فوقَ الأغاني
وضرّجَ صمتَ الهواءِ بفيضِ الدمّ المشرقيّ
سمعتُ رفاتَ الهوى يستقيلُ
محوتُ دفاترَ عشقي
كسرتُ زجاجَ النهارِ
أقمتُ الحياةَ ضريحاً ورملَ انتظارِ
جثوتُ وقلتُ: سأبكي
ولكنهمْ لم يكونوا هُنا.. لم يكونوا هناكَ
تُصلصلً في الصحو ضحكاتُهم
والعيونُ التي حينَ تجري تضيءُ الغيابَ
أُضيءُ على سحرهمْ في الصباب الذي يفتريني
أُخبّئُ قلبي حنيناً للهمْ
وأبارحُ هذا الحصارْ..
***
لها حينَ تبكي وتضحكُ أُخمدُ صوتي
لها حينَ تمشي وتجلسُ أذبحُ قلبي
لها حينَ تمضي وتقبلُ أنكأُ جرحي وروحي
وأضرمُ هذا الحنينَ الذي لا ينامْ
لقدْ غرّبتني إلى جسدٍ صارمٍ
شرقّتني إلى الشمسِ
فاشتدّ في جثتي صمتُها والكلامْ
أبوحُ لها أنني شاهقٌ في متاهةٍ شوقي
وأني أُجنُّ إذا لامستني
أجنُّ إذا غادرتني
إذا لم تكنْ في افتراقِ اللقاءِ احتراقي
هنا كان وجهي يُحنّطُ وجهي
ووجدي يُصدّعُ صخرَ الجسدْ
غيرَ أن الملوحَة نسغُ الترابِ
العتابُ يُخزّقُ ثوبَ الغيابِ
الحضورُ الغرابُ
أُحسُّكِ في الصيف موجاً رخيّاً
وأبقى وحيداً أفتّش عني
أشوفُ الفراغ الفراغْ
أشوفُ احتدامكِ عبر الورودِ وعبرَ الثمارِ
وأجني بزوغَكِ قبلَ انهيارِ النهارِ
أعاني صعوبةَ عينيكِ في رغبةٍ
تستبيني الحرائقُ فيها
حرائقُ ليستْ تردُّ
ولا تنتهي في رمادِ المكانِ
انتهيتُ لأنّ زماناً يجيءُ يُعتّقها كالنبيذِ
ويغرسُها في دمي مثلَ وهمِ المرايا
ووشي الظلالْ
ليشعلني بالسؤالْ
كأني أحبُّ.. قرأتُ لها وعدَها
ووفيتُ نذوري..
ورحتُ أوائمُ بينَ الحقيقةِ والحلمِ
كانتْ تنامُ وتمضي إلى النهرِ
تعدوالحدائقُ فيها وتعدو المياهُ
تُقّطفُ نومَ البساتينِ ثم تعودُ
لتنهبَ نومي. وتتركني حائراً
بينَ يومي وأمسي وموتي
وهذا الخريرُ الذي يكتويني
ويشربُ روحيَ حتى الغمامْ