لمنْ أكتبْ؟!.
لماذا أحفظُ الأسماءَ، والكلماتُ لا تُجدي
إذا كُتِبَتْ، ولم تُقرأْ؟!.
لماذا أكتبُ الأشعارَ فوقَ الرملِ بالماءِ،
وموجُ البحرِ، فوق الرملِ،
يمحو الماءَ بالماءِ،
فأنسى كلَّ أسمائي؟!.
لماذا أرسُمُ الأشياءَ أشكالاً بلا أهواءْ؟
وأُطلقُ في فيافي الصمتِ ألحاناً بلا أصداءْ؟
فتُطْفَأ في دمي الأضواءْ!؟.
*
وتسألُني
رياحُ الخلْق أنْ أبدأْ،
وأنْ أكتبَ كي تقرأْ..
فأنشرُ تحتَ عَيْنِ الشمسِ كلَّ الأبجديّاتِ،
تلالاً منْ حروفِ الضوءِ،
أجمعُها، وأرصُفُها
رموزاً في سجلِّ الغيبِ،
تقرأُني، وتفهمُني..،
وأقرأُها، ولا أفهمْ!.
وأنظرُ، علَّني أقتصُّ، بينَ الجزْرِ والمدِّ،
إذا ما ارتدَّتِ الأمواجُ،
فوقَ الرملِ، منْ أثَرِ..
فتصفعُني
رمالٌ خرَّمَتْها الريحُ، مثقوبهْ،
عراها الماءُ، فاهتزَّتْ بكفِّ الموجِ أُلعوبهْ..
وأنصتُ، علَّني أسْتَلُّ مِنْ صمتِ السماواتِ،
سنى برقٍ تمخَّضَ عنْهُ، بينَ الرعدِ والرعدِ،
هزيمٌ منْ بروجِ الكشْفِ ينهلُّ،
فأستلُّ
كياني منْ رمادِ الشمس..
مَرُّ الدهرِ أفناني، وأفناها..
فأكتبُ فوقَ رملِ البحرِ بالماءِ،
لتبعثَ في كتاباتي،
وَأُبْعَثَ من بقاياها...
*
سوارُ الماءِ حَوْلَ الخافقِ الممتدِّ منْ قمرٍ إلى قمرِ،
حنينُ الكفِّ للمِعْصَمْ..
حوارُ الوصلِ في زمنٍ تخطّى قدرةَ الزمنِ..
تبوحُ الأبجدياتُ العذارى بالهوى المُلْهَمْ،
عطاءً فاقَ ما أرجو، وعِلْماً فوقَ ما أعلمْ...
هديلُ الماءِ..
جَرْسُ الماءِ..
هَمْسُ الماءِ للرملِ..
وأكتبُ..
ثمَّ أكتبُ..
ثمَّ أكتبُ..
آهِ! لكنْ ليس مَنْ يقرأْ!
*
سنى برقٍ، سنى برقِ!
تُزمزمُ فيَّ كلُّ الصاعقاتِ، ولا سنى برقِ
يُطارحُني رموزَ الكشْفِ..
آهٍ منْ دياجيريَ! إذا زمزمْ
صهيلُ الرعدِ في الفلواتِ، والملكوتُ قد أظلمْ!
وأشْعلُ منْ لظى الكلماتِ نيراناً مُقَدَّسةً على الرملِ
لكي يطهرْ،
وينقى حِبْريَ الأحمرْ..
وأكتبُ فوقَ رملِ البحرِ بالماء..،
فتسخَرُ منّيَ الأنواءْ،
وتسألُني: - لمَنْ تكتبْ؟!
فأرسُمُ فوقَ سطحِ الماءِ رمزَ الأبجديّات،
وأنثُرُ فوقَ ذاك الرسمِ ما عُلِّمتُ منْ أسماءْ:
فتبداُ سيرةُ
الإبداعِ،
والأشياءْ!..