ككل قصرٍ رائع عتيد..
لمحتُ صدره العريض.. من بعيد
كان يلوُح في بياضٍ ناصع
كسيّد سعيد..
ملتحفاً بثوبه الجديد
مستغرقاً في نشوة الصلاة
مهللاً.. مبتهلاً
يتلو دعاء العيد..
***
وعندما اقتربت من أسواره
أبصرتُها تضيء كالألق
وحولها زجاجها الفضيّ
يرتدي.. كرعشة البرق..!
غلالة، مشبوكة من الأسلاك
محبوكة النسق
تمنع أي زائرٍ غريب
تصدّ أي طائر شريد
أن يلمس الزجاج بالمنقار
أو يختفي بين ضلوعهما التي
كانت من الحديد..!
***
وخلف شباك الهوى
رأيت شرخين، كما الثلمين..
تعانقا من جانبيّ القصر.. داميين..!
جرحين.. نازفين.. من وريدِ جيد..!
من ذا الذي طعنه..؟
من ذا الذي هشّمَ كأس العيد؟
والقصر، لا يطوله قريب أو بعيد..!!
***
وقيل لي -حسب حديث \"الجارة\":
ابناؤه في جوفه تخاصموا..
تشاجروا.. تشاتموا..
عبارة.. تلهبها عبارة..
تراجموا.. حجارة.. حجارة..
فحطموا شبَّاكه
وكسّروا زجاجه..
فانتشرت شظاياه على أقدامهمْ
وكلما تحركوا، تهاطل الرعاف
ولم يزل عراكهم..
مخضّب الأطراف..
مؤجج الوقيد..!؟
***
وقيل: إن أُمّهم بخير
لكنها تخاف أن تضيع الدار
ويشرد الصغار
وقد دعت إلى شيء من التفكير..
بعضٍ من الحوار
لكنْ.. وحتى اليوم..
لا جديد..!؟
***
وعندما سألت تلك (الجارة)!
أين اختفى والدهمْ..؟
وأين غاب ذلك الصنديد..؟
كان حكيماً عادلاً..
كان رحيماً.. رغم أنه شديد..!
فابتسمتْ جارتنا الجبّارة
وأوجزت:
والدهم.. شهيد..
***
هل نحن في يوم للابتسام..!؟
ألا تخاف رحلةً للداء
تلك الجارة..!
فتزحف الآلام نحو ربعها
وتستضيف دارها الحجارة!؟
أم أنها لحقدها الشديد
سعيدة بالشرخ، بالجروح..
في منزلنا الوحيد..
***
ثم قرأت سورة الفلق..
\"من شرّ ما خلق\"
وشرّ كل سيّد بليد..
وقلت للساقي: اسقني
كأساً من الصديد..
فإنني في غربتي.. في حيرتي عنيد
وفي غدِ.. سيفعل الإله مانريد
لا ما يريده الطغاة.. والعبيد..!