وكتبتُ أغنيتي
رسمتُ حديقة وبنفسجاً وسنانَ
بعضُ سنابلٍ تختالُ في ألقٍ
وتمضي في نسيمِ الصبحِ
فاقترّب الربيعُ من اخضرار يديّ
أهدى مقلتيّ بهاءَهُ
فتدفقَ الفرحُ العصيُّ إلى بساتينِ الدماءْ
وعدوتُ بين تلالكَ السمراءِ
أنهلُ من عبير هواك كأسَ صبابتي
وأراكَ في أوجِ امتدادِكَ
بين قلبي.. والسّماءْ
ياأيّها الوطنُ المسوّرُ بالأغاني
وازدهاءِ السّنديانْ
برداكَ يجري في دمي
عرساً دمشقي الصّفاءْ
وجبالكَ الخضراءُ تومئ للأحبّةِ
أن يعودوا مثقلينَ بدفءِ أوزارِ الهوى
وعلى تقاسيم الفراتِ
تدافعَ النخلُ الفتيُّ إلى
ملاقاةِ الضياءْ
وتعانقا كحمامتينِ صغيرتينْ
تستقرئانِ على المدى سرَّ الحياةْ
وهناكَ هوّمَ عاشقٌ
بين التّولهِ والحنينْ
همستْ قرنفلةٌ لجارّتها:
-أعدّي للّقاءِ طيوبَهُ
فانهلَّ من صمتِ الصّخور عبيرُ قافلةٍ
تبثّ الرّيحَ أورادَ التصوّفِ
وهي توغلُ في الرحيلْ
وامتدَّ صوتُ البرتقالْ..
من أرضِ يافا والخليل
وهفا إلى أرضِ الشّمالْ
ودمشقُ تنهضُ من جفونِ الحلمِ
ترخي شعرّها المجدولَ من ألقِ التمردِ والفداءْ
وعبيرُ صفصافِ القرٍى
يكسو المعابرَ والضفافْ
وتذرّ ضحكتها
مؤرّجةً بقهوتها وبعضِ الهيلِ والنارنجِ
تهمسُ في دلالِ صبيةٍ جذلى
-\"صباحُ الخير.. يابردى.\"
وتسيرُ.. أيُّ غزالةٍ سمراءَ
تمرحُ في الصّباحاتِ الجميلةِ
إذ يمرُّ العابرونَ إلى المعاملِ
والمدارسِ والحقولْ
وتودّعُ الأطفالَ بالقبلاتِ:
كنْ حذراً وأنتَ تمرُّ نحو القلبِ
كنْ حذراً
وتبتسمُ الشّوارعُ والحدائقُ للوجوهِ الطيبةْ
وأراهُ يزهر قاسيونْ..
ويضم خضرته الوريفة
ثمّ يعزفُ فوقَ أوتار الهوى
لحناً شداه العاشقون
\"سورّيهُ ياحبيبتي\"
وأعدتِ لي وجهي ولونَ مشاعري
وأعدتِ لي ولهي القديمَ
فجئتُ حاملةً هواي قصيدةً
تنسابُ بين دمي ونهرِك مذعرفتكِ
واقتسمتُ الليلَ مع فرحِ الجياعِ
وباعةِ الصّبارِ والشاي المخمّرِ
وانعتاقِ الساهرينَ
وكنتُ أولدُ في صباحاتِ المدارسِ
أرسمُ الأحلامَ نافذةً على عبثِ الطفولةْ
ياأيّها الأحبابُ غنّوا.. للوطنْ
ويغرّدُ الأطفالُ مبتسمينَ للنّهرِ المسافرِ
لاتكاءةِ قاسيونَ على المدى
ولعطرِ غوطتكِ السكيبِ وللندى
وأنا أضمّكِ ملءَ صدري
حيثُ غلَّ الياسمين
والنهرُ يركضُ والضفافُ تمرّ مسرعةً
وقلبي هاهنا لازال طفلاً
في هواكِ مردّداً..
سوريةُ... يا... حبيبتي