عشقتْ إنانا نهرها
وترابها
ونخيلها
وخليلها
فتألهّت ، وتبوّأتْ عرشَ الألوهةِ
كي يسيلَ النهرُ من يدها
فراتيّ الهوىَ 0000 عذباً
إلى عرض المحيط وعلّمتهُ السيرَ نحوَ البحرِ
والجريَ فوقَ الشوكِ والأحزانْ
جعلتْ له كفاً
تشقُّ لهُ الطريقَ
وعلّمتْ أمواجهُ المّـدَ
الذي لا يأتي دون الجزرْ
منحتْ أَناملَهُ الخفيّةَ ريشةً
من جنحِ ساحرةٍ
أتتْ عنقاءَ للوادي
ليرسمَ وردةً
في الماءِ
أو وجهَ إمرأةْ
أو نجمةً
أو بدرْ
لتصير روحاً للحياةْ
ويدقُّ قلبُ النهرْ
ومضتْ تعلّمهُ التغزُّلَ
والبكاءُ إذا أحبَّ
علّمتهُ الصبرْ
منحتهُ فِضّةَ روحها
منحتهُ بعض طباعها
ليَصيَر أشبه بالمرايا
علّمتهُ السحرْ
قالت له:
لا تدفنِ الأحزانَ ساخنةً
إذا حُمّلّتها في قــبرْ
أدفنها بطيّاتِ الــترابِ
وفي عروقِ الصخرْ
في الـبّر علّمتِ المياهَ
تشقُّ مجراها لترتفعَ الضفافُ
مع ارتفاعِ الغمرْ
وتعلّمتْ درساً من الصخرِ الأصمِّ
فلا تفجرّ غمسةً ، أو نبعةً
من قلبها إلاّ إذا قطعتْ
دروبَ القهرْ
ضمّتْ جناحيها تعلّمٌ نَهرها إنْ غارَ في الأهوارْ
معنى السكونِ المّرْ 000
فردتْ جناحيها وحطّتْ
فوق رابيةٍ
لتشهدَ كيفَ تتّحدُ المياهُ
فلمْ يسرْ نهرُ الفراتِ
بلا أخيهِ إلى البحارْ
ما عاشَ يجني دونَ دجلةَ حفنةً
من حنطةٍ أو حبّةً
من تينهِ الذهبيِّ في أرضِ العمارةِ
أو يزهّرُ في السماوةِ جلنّارْ
كم بددّتْ أشجانَ وحدتهِ المريرةِ في المسيرِ
وحذّرتْ :
يا أيّها النهرُ المسربلُ في دروعِ الماءْ
لا تمشِ وحدكَ فوقَ سطحِ الأرضِ
لا - بلْ في بلاد الرافدينْ
فتوحّدا في ضفتّينِ
وفي حنينٍ واحدٍ
سارا معاً في وحدةٍ روحيةٍ للشطّْ
عجزتْ ذئابُ الكونِ عن تفتيتها
كيْ يعطياهُ الطميْ
سارا معاً
في سلسبيلٍ واحدٍ نحو البحارِ
يذوبُ فيها كي يعودَ
غمامةً
أو ضحكةً
أو دمعةً
أو سدّةً للريّْ
أو حقلَ قمحٍ
أو أرزّ
أو نخيلاً
أو حويجاتٍ وأحواضاً وشطآناً
لترتاحَ المراكبُ والزوارقُ
في الرحيلْ
وتعمّقَ المجرىَ لتتّفقَ المدائنُ
والقرىَ
أنّ العمائرَ والخمائرَ لا تجيءُ من الفراغِ
ولا يجيءُ بلا \"إنانا\"
كاهنٌ أو مستحيلْ
ويشقُّ \"أوركاجينا \" نانشةَ \"
ذلكَ النهرُ الذي يأتي
ليسبحَ في مفاتنها
ويفتتحَ احتفالاتِ الأُنوثةِ
بالنبيذِ السومريِّ
يصوغُ تربتها سواقيّ أو مساكبَ
ثم يمضي بعدها
متوحّداً
متوهّجاً معها
لتبدأَ رحلةُ الأَفراحِ
تتكّىءُ البداياتُ
النهاياتُ
الغموضُ
المعجزاتُ
السحر ُ
والخلقُ المؤرّقُ في البلادْ
يبني لها \" لا جاشُ \" و \" البورساجُ\"
معبدَ نذرها 0000 ويقيمُ وردةَ سومرٍ
\" فالورْ\"
وتغارُ جارتها \" أكادْ\"
حتى المدى الرملّيِ
لا يعصىَ أَوامرَها سوى الطوفانِ
والجريانِ في الأنهارِ
والحبِّ المشعِّ بعاشقيِن وغير ظلِّ
الموتِ
وانتبهتْ إلى أنّ المدى ليس السرابُ
وأنّ دورتَها تُغايرُ بالشروقِ وبالغروبِ
الشمس ْ
وتألَّقتْ لتكونَ فاتنةَ الحقولِ
حبيبةَ الأنهارِ
واختارتْ لها بعــلاً
ليشعلَ نارها ليلاً
يساهرُها
يعدُّ لها النجومْ
يقيمُ أعراسَ الخصوبةِ
فوقَ عشبِ سُفوحِها
لكنَّ رحلتها إِلى الآلامِ منْ بدءِ
الخليقةِ
من سريرِ الموتِ
إذْ كانتْ يدا \" جلجامش \" المأخوذِ
بالنومِ العميقِ
تهّزُ ( أنكيدو):
.....انتفضْ
أنكيدُ ماتْ .. أنكيدُ مات بلا مراسم
أو حدادْ
والموتُ من يعصىَ الأوامرَ في البلادْ
والحبُّ من يعصىَ الأوامرَ في البلادْ
والطيرُ من يعصىَ الأوامرَ في البلادْ
والنهرُ من يعصىَ الأوامرَ في البلادْ
من موتِ (أَنكيدو) المؤرّقِ يرتدي الليلُ السوادْ
تستصبغُ الأشجارُ خُضرتَها بهذا اللونْ
ويعمُ أرضَ الرافدينِ الحزنْ
فالموتُ كالطوفانِ
لمْ يحسبْ حساباً للقرابينِ التي هُرقتْ
على بابِ المعابدِ
والتعاويذِ التي شُدَّتْ إلى أَعناقِ
أَهلِ الرافدينْ
\"أونذورِ الدّمِ
أَو ذبحِ السنونو
والحمامْ \"
تتبدّلُ الأَحوالُ فوقَ الأرضِ
ماظلّتْ بكاملِ سحرها إلا إنانا والغمام ْ
تجري إنانا في البروقِ وفي الرعودِ
وفي المطر ْ
تجري ندىً في الزهرِ
تعطي للتكاثرِ كلَّ أسبابِ الحياةْ
و الأَرضُ تُطلعُ نَبَتها
تجري لتسكنَ في المحيطاتِ القريبةِ والبعيدةِ
تصنعُ الأمواجَ في الأعماقِ
تدفعها إلى الأَعلى
لتوقظَ صخرةً أو مرفأً أو زورقاً أو آدميّاً من بشرْ
وتصيرُ غيماتٍ تُغازلها البروقُ
لكيْ تعودَ إلى مياهِ النهرِ
والآلامُ تكبرُ أو تفيضُ
تجىءُ مملكةٌ على أعقابِ مملكة ٍ
وفي دمها ذكورُ النحلِ
تمتصُّ الرحيقَ ولا تبالي بالزهورِ
تموتُ في عدمٍ
و تأخذُها الرياحُ إلى الصحارى
كيْ تُبدِدّهَا
وتجيءُ أخرى كيْ يجيءَ الموتُ ثانيةً
وتقطعُ عُمُرَها الأَزهارُ خائفةً
من الموتِ الأكيدِ على ترابِ البّرْ
لكأنمّا في كلّ أمٍّ بذرةّ لإدانَةٍ
في حبلها السري
في رحمها تنمو وتكبرُ في الجنينِ الرافديّْ
تلدُ الجنينَ لكيْ يموتَ
مدشِّناً تاريخَ مولدِهِ بمجزرةٍ
وعيشٍ مرّْ
وإنانَ صابرةُّ تهمهمُ:
يالهذا السر
فالحبُّ والبحثُ الجميلُ عن الهوى
في الآتي من أيامها
سرٌّ لهذا الموتْ
فهما مقدمةٌ ووضحٌ
كيْ يموتَ المرء سحلاً في الشوارعِ
أو يكونَ الموتُ غدراً في المنافي
أو يُزجَّ بأي حربٍ قد تُشنُّ
ليُفتدى الطاغوتُ
في تلكَ الكوارثِ أو سواها
يقفُ المغنّي في ضفافِ (الفاو) يشدو مستفزّاً نهرها:
لو كنتَ تدري كمْ يمرُّ
منَ الدهورِ
وأنتَ تمضي غارِقاً
في بحرِ حزنكَ
تنشرُ الصحراءُ في عينيكَ
رمل الطوزِ
لا يحميك من ذاك العجاجِ تمائمٌ
وتوسّلّ لغمامْ
كيْ ترفعَ الأشجارُ أيديها
ليأتيها الحمامْ
وتفيءُ في مجراكَ
أسرابُ الحصا الفضيّْ
ويميسُ صفصافُ الضفافِ
مصفّقاً في الريحِ والأنسامْ
وتجدّدُ الأعشابُ
زهرَ نموّها
كولادةِ الأحلامْ
مابالُ (سومر) لا تروّعها النبوءةُ
بالحروبِ وبالخرابِ البابليِّ
يقولُ عراّفُ المدينةِ :
أيّها النهرُ الذي تمضي طروباً
سوفَ تشفىَ
قالها العراّف ...
ما نهرٌ مضىَ عذباً
وما عينانِ أُغمضتا بلا دمعٍ
وما نبعٌ تفجّر من حريرِ الأرضٍ
دونَ مشقةٍ
هذا السماويّ الذي لم يأتِ عفواً
من فراغٍ
جاء كي يمحو من الأرضِ الخطايا
وبماءٍ للمرايا
جاء مجنوناً وفيه أنوثةٌ أقوى
ولوكانتْ - كما يتكهّنُ العراّفُ - غانيةً
لهانَ الأمرُ
حتى لا يليق بهذه الفوضىَ
التي صارتْ إنانا
ثم صارتْ نخلةً تمشي على قدمينِ
نخلاً في سهول الرافدين ِ
الارتفاع بلا سموٍّ
فهيَ أنثى شأنها شأن النساءِ
يهبّ في دمها المخاضُ
تسفُّ أوْ تَسمو
وتحضنها الصحارى
ترتدي ثوبَ الحياءِ
وتستفيقُ مع النجوم ِ
تسيرُ في روحِ الزمانِ
وفي حديقةِ بيتها
تتأمّلُ الأزهارَ والأطيارَ
أو ترثي لها
تبكي قليلاً
أو تناغيها
تسّرحُ شعرها
أو تصعدُ البرجَ المعرشَّ بالورود ِ
وتصطفي زرّاً يشمّ شذا يديها
كي يُصبِّحَ نورَها
وجمالَها العالي
وتهبطُ سلمّاً يفضي إلى
أحضانِ مخدعها
لتشهدَ ما تناثر في السرير ِ
من الشهيَقِ
من الزفير ِ
من التقلّب والتوجّعِ والتأوهِّ
والعطورِ
ترى الأرائكَ في تثاؤبها
الشراشفَ في كآبتها
المرايا في تكسّرها
تسيُر خلفَ رغابها
تحتدُّ حتى الأنهيَار
وتملأ الآفاقَ ضحكتُها
تبعثرُ(بقجةَ) العرسِ التي
في عالمِ النسيانِ تخزنها
ككّل المهملاتِ من الثيابِ
تشدُّ شعرَ إلهها \"إنليل \" غاضبةً
وترقصُ في جنونٍ
ثم تخرجُ من غلالتها
التي شربتْ عبيَر نهودِها وزنودِها
\" إنليلُ\" يعصفُ في خوابي الخمرِ
يقرأُ كلَّ أفئدةِ النساءِ
وكلَّ أوراقِ النساءِ
فلمْ يجدْ إلاّ إنانا
ربّةً للكونْ
للنارِ سيّدة
وللأَنهارِ
للأقمارِ من حوّاء حتى آخرِ إمرأةٍ
وقد جعلَ الروافد زينةً أزليّةً لترابِها وسوادِها
وتبوّأتْ عرش العروشِ
إلهةً للخِصب ِ
تعطي ما تشاء لمن تشاءُ
لها البيادرُ والمواسم ُ
والخلائقُ والطقوسُ
تجّن إنْ لم يلعبِ المحراثُ في حقلٍ
وتهدرُ جوقةُ الأطفال ِ
صاخِبةً
وإنْ لم يرقصِ الفتيانُ والفتياتُ
في مَرح ٍ
وإنْ لمْ يتّسعْ للخلقِ معبدُها
وإنْ لمْ تسرحِ الغزلانُ دونَ تَوجّسٍ
لتنامَ ملءَ جفونها
إنْ كانتِ الأنهارُ صافيةً
وعشبُ الأرضِ يرفلُ في السهولِ البكرِ
أو فوقَ الضفافِ
تشدُّ قَبضَتها إذا جاعَتْ
جموع الناس من قحطٍ
ومن ظلم ٍ
لكي تبقى الخصوبة روح سومر
في المعابد لم تطق غضب الإله
وكان يرهبها الطبيعة
حين تغضب
كان يرهبها انتصار الحزنِ
يغضبها جلاوزة المدائنِ
حين يخفت نور هاتيك المدائن ِ
حين ينتهك الجرادُ سماءها
أو حينَ يسرقُ من معابدها
البخورُ
وحين تنهب من خوابيها الخمورُ
وحين تُنبش من مدافنها
القبورُ
وحين يَكسرُ طامعٌ أَسوارَ بابلَ
ثمّ يَنتهكُ الثغورَ
فَتَستكينُ ولا تصّدُ
ولا تَثور
تَغارُ رغمْ جمالها وكمالها
من أيّةِ إمرأةٍ تراودُها الأنوثة ُ
أن تكونَ خليلةً لإلهها
فتردّها ببروقِ عينيها
تغنّي للحياة ِ
و لاتصّر بأن تكونَ إلهةً للخلق ِ
بلْ أُنثى لها في عالمِ الأنثى
هواجسها
مفاخرةً تقول :
أتيتُ (سومر) كي ترى إمرأة
أضيفتْ للنساء ِ
لكي تحبَّ00
ومن حفيفِ النخلِ
لي لغةّ
فمي من سكرٍّ ولآلىءٍ
عينايَ خضروانِ
من تلك البراري حين ينهمكُ الشروق ُ
بنشرِ ضوءٍ في السفوحِ
وحين ينهمكُ الغروبُ بنشرِ ظلٍ
في السكون ِ
وفي المساء ْ
وأصدُ بالرمشينِ لفتةَ هائم ٍ
وأردُ بالألحاظِ رشقةَ أسهم ٍ
أو قبلةً تأتي إليّ مع الهواء ْ
وتُركتُ دهراً في صميم الأرض ِ
أشربُ من عناصرها
لكي يهتاجَ في جسدي
جواهرها
فشعري جاء كالخرنوب
إذ يجتاحه شفقٌ
ووجهيَ صورة للبدر ِ
تعكسها مياه النهر ِ
في نهديّ إذْ أمشي على مهلٍ
تدورُ الأرض دورتها
لتأخذَ بُعدها في الشكلِ والدورانْ
تَرَكَتْني في طوفانها امرأةٌ
وأعطتني لطيرِ النارْ
واستبقتِ الطوفان تسعة أشهرٍ
ينداحُ في جسدي
ويمنحهُ إراداتِ السيول ِ
ليكسرَ الجدران َ
والأسوارْ
تلامسهُ الأناملُ
وهيَ تبغي السيرَ في أهوارهِ
أو الانحدارَ إلى عميقِ قرارهِ
أو حينَ تقصدُ كشفَ غامضهِ
ومطمحها التقدّم في مجاهله ِ
إلاّ وعادتْ بانكسارْ
تغدو كجندٍ قد مضوا زحفاً
إلى أُولى معاركهمْ
وتقدّموا يرتعشون من خوف ٍ
ولا أملٌ لهم بالنصرِ
فانكفأوا
والشمس لم تسبقْ شروقيَ
مرةً في العمر ِ
لا أدعُ الصباحَ تدّل إصبعهُ إليَّ
فلا أنامُ إلى الضُحى
أخطأتُ يومَ نبشتُ من آثارِ أمي
شالها
ونبشتُ بعض الذكرياتْ
فوجدتُ أرياشاً لبضع ٍمن نعاماتٍ
خرجنَ بطبعهنّ من النعامْ
فهوينَ في نيرانِ صاعقةٍ
ولم يدفُنَّ تاجَ رؤوسهنَّ
ودونَ أن يخلعنَ ثوبَ الكبرياءِ
على الرمال ِ
ودونَ أن يركضن خوفاً
في الليالي العاصفاتِ
وفي الشتاتِ
وفي المحالْ
ونبشتُ من صندوقها الفضي ّ
أرياش العصافير التي
تصطادُها العقبانُ حينَ نزوحها
أو حين عودتها إلى آفاقِ
دجلةَ والفراتْ
وسلاسلٌ كمْ غافلتْ في السرِّ معصمها
لتسرقَ نبضةً
أو تسترقَ السمعَ للدمِ في الوريدِ
وما يقولُ القلبُ
حين تُبدّلُ الأحوالْ
تلكَ السلاسلٌ كالصدىْ
تحيا
وكالبابونجِ البّريّ
بين حجارة الأطلالْ
ويغارُ منّي الحورُ إذْ أمشي
وأركضُ في الدروبِ
يغارُ زهْرُ الشوكِ
حينَ تدبّقُ الأعشابُ في أطرافِ
ثوبيَ
إنْ توّسدتُ الترابْ
ويغارُ من زهرٍ
يطارحني هيَاجَ النحلِ في روحي
وفي جسدي
فهلاّ يطفىءُ الأقمار\"أنتينا\" المليكُ
لفضة الروح التي ألبستها جسدي
وذوبها تلوّي وارف السروِ
الذي عصرتهُ أمي في المخاضِ
فكانَ خصري
ثم صبّت فوقهُ دَمَها
ورشتهُ بجمرٍ من حرائقها
وغطتهُ بريحان النذورِ
فجاءَ مياّساَ يميلُ مع الفصولِ
وينثني في الريحِ
أوفي الرقصِ
أعطي كوكبَ الأرضِ التوازن َ
حين تحتاجُ الزلازلُ بقعةً
ويجييءُ دجلةُ في الصباحِ
إلى يدّيَ
ويبعثُ الأمواجَ صاخبةً
ليغسلَها ويغسل وجههُ بهما
و يعودُ منتشياً إلى مجراهُ
يحكي للحصا عما رآهُ من الخرائطِ
والأنوثةِ فيهما
يصفُ الجنونَ الشاعريَّ
لعاشقين و موجتيْ نهرٍ
إذا ضاقتْ ثيابٌ أو ضفافْ
يصفُ اتحّادَ العطرِ باللذاتِ
.. بالخمر المعتقِ
.. بالفحولةِ
.. بالأنوثةِ
حينَ تعطي سحرها
أو حينَ تعطي همسها
نبضَ الشغافْ
لُغَةٌ بكّل مياهها وبلا ضِفافْ
لُغَةٌ بكّلِ كلامها وبلا غلافْ
لم يستبحْ أحدُ حمى أمواجها
الزرقاءْ
من ذا سيغرقُ
في دنانِ الخمرِ
يسحبهُ إلى حجراتها
عطرُ الأنوثة أو كمائنُ هدبها الخطّافْ
تغريهِ في أقصىّ صبابتهِ
ليذهبَ للرعّيةِ
أو لصيدِ غزالةٍ
ويعودُ دجلةُ في المساءِ
إلى يديَّ
ويبعثُ الأمواج عاريةً
ليغسلَ وجهه بهما
ويمضي حاملاً فيءَ النخيلِ
إلى البحارِ
ويغسلَ المجرىَ
ويعطي الشطّ بعضَ الطميْ
إنْ ضاق جلدهُ في الرحيلِ
يغيّر المجرى
ويعبّر في جراحِ الصخر ِ
أو في القلب ِ
إذْ لا مناصَ من اللقاءِ
مع الفراتِ العذب ِ
يلتقيانِ بين الطمي والأسرارِ
والأفراحِ والأحزانِ
يلتقيانِ
لا في الشرِّ أو في الغدرِ أو في الرعب ِ
يلتقيان ِ
لا في السبيِ أو في النفي أو في الغلبِ