إِنْ كانَ مِن صَبْرٍ لَدَيْكَ فهاتِهِ |
|
|
مَلكَ المُصَابُ عليه كُلَّ جِهاتِه |
|
بالنَّبْرَة ِ السَّوْدَاءِ في أَنَّاتِه |
|
|
أَسْوانُ تَعْرِفُهُ إِذا اخْتَلَطَ الدُّجَى |
|
ما يَبْتَغِي الْحَيْرَانُ مِنْ نَظَرَاتِه |
|
|
يَبْكِي ويَنْظُرُ في السَّماء مُصَعِّداً |
|
وَهَجِيرُ قَيْظِ البِيدِ مِنْ زَفَرَاتِه |
|
|
خَفَقَانُ نَجْمِ الأُفْقِ مِن خَفَقَانِهِ |
|
مِنْ بَعْضِ ما يُبْدِيهِ مِنْ عَبَرَاتِهِ |
|
|
وبُكاءُ كلِّ غَمَامَة ٍ هَتَّانَة ٍ |
|
ماتُرْسِلُ الأَقْلاَمُ مِن نَفَثَاتِه |
|
|
ونُوَاحُ ذاتِ الطَّوْقِ في أعْوَادِها |
|
أينَ الرَّخِيمُ الْعَذْبُ مِنْ أصْوَاتِهِ |
|
|
يرْثِي فيحتبِسُ البكاءُ بصَوْتِه |
|
مَلَّتْ نُجُومُ اللَّيلِ من دَقَّاتِه |
|
|
في صَدْرِه قَلِقُ الْجَوَانِح مُوجَعٌ |
|
قد أَوهَن الأَسْلاَكَ من خَفَقَاتِه |
|
|
كالطَّيْرِ في قَفَصِ الْحِدِيدِ مُوَثَّقاً |
|
يا وَيْلَ ما فَعلتْ يَمينُ رُمَاتِه |
|
|
يَبْكِي ويَضْرِبُ بِالْجَنَاحِ مُجرَّحاً |
|
مُتَشابهاتٍ هذه مِنْ هاتِه |
|
|
نُوَبٌ كلَيْلاتِ المَحاق تَتابعتْ |
|
وَيْلاَهُ لَوْ أَسْطِيعُ وَأدَ بَنَاتِهِ |
|
|
وبناتُ دَهْرٍ قد زَحَمنَ مَنَاكِبي |
|
عَلَمٌ طَواه الدهرُ في طَيَّاتِه |
|
|
أوْدَى أبو الفتحِ الْمُرجَّى واختَفَى |
|
ما زَال يُزْعجنَا رَنِينُ حُدَاتِه |
|
|
وانحازَ للرَّكْبِ الذي من آدمٍ |
|
والقَلْبُ مَكْظومٌ عَلَى حَسَرَاتِه |
|
|
سارتْ به الأَحْبابُ تَسْتَبِقُ الْخُطَا |
|
إِلاَّ جلالاً في فسِيحِ فَلاتِه |
|
|
فوقفتُ أَنْظُر في الفلاَة ِ فلم أجِدْ |
|
مَنْ ذَا يَلُمُّ اليومَ مِن أشْتاتِهِ |
|
|
ياجَامِعاً شَملَ الشُّيوخِ بحَزْمِهِ |
|
من بعدِ ماعَبِثَ الرَّدَى بِحُماتِه |
|
|
يَمْشِي الرَّعيلُ نواكساً أَبصارُهُ |
|
قَدَرٌ أطاحَ القَرْمَ عَن صَهَوَاتِه |
|
|
أَلْوَى بِعَزْمَتِهِ وَهَدّ شِماسَه |
|
يتَعثَّرُ التَّمْتَامُ في تاءاتِه |
|
|
حَيْرَانُ يعثُرُ بالأعِنَّة ِ مثلمَا |
|
وَتئِزُّ نَارُ الشَّوْقِ في لَبَّاتِه |
|
|
يَطْفُو نَشِيجُ اليَأْسِ من لَهَوَاتِه |
|
والرَّكْبُ قد زاغَتْ عُيونُ هُداتِه |
|
|
سارتْ به الفُرْسانُ تَخْبِطُ في الدُّجَى |
|
والفارِسِ المُنْبَتِّ عن غايِاتِه |
|
|
يَبْكُون للطّرْفِ المُخَلَّى سَرْجُه |
|
أيدِي الزَّمانِ العُسْرُ من حَلَقاتِه |
|
|
يَبْكُون للدِّرْعِ المطَرَّحِ حَطَّمَتْ |
|
كفا وَأَسْبَقَهم إِلى قَصَباتِه |
|
|
يَبكُون أطولَهم يداً وأبَرَّهم |
|
أَزْهَى من ابنِ الليلِ في هالاَتِه |
|
|
خُلُقٌ كما يَصْفُو النُّضارُ وطَلْعَة ٌ |
|
قد كان في العِشْرينَ فَخْرَ لِدَاتِهِ |
|
|
مَنْ صارَ في الْخَمْسِينَ فَخرَ بِلادِه |
|
إِلاّ إِذا نَضِجُوا على جَمَراتِه |
|
|
والدَّهْرُ لا يُنْشِى الرِّجالَ صَوارِماً |
|
إِذلالُ نَفْسِ المَرْءِ من زَلاَّتِه |
|
|
صانَ الكَرامة َ أَن تُمَسَّ وَإِنّما |
|
تَهْفُو إِلى أَغلالِهِ وسِمَاتِه |
|
|
مُنِعَ الرَّقيقُ ولا تزالُ عِصابة ٌ |
|
لاَ يسْتريحُ الدَّهرَ من دَوْرَاتِه |
|
|
قد كان كالفَلَكِ الدَّؤُوبِ نَشاطُهُ |
|
في أسرع الأحوال من حركاته |
|
|
فإذا تراءَى ساكنا فلأنه |
|
وبَلاَغة ُ الأَعْرابِ مِلءُ لَهاتِه |
|
|
الْحَقُّ والإِيمانُ مِلْءُ فُؤَادِهِ |
|
فاحْذَرْ فَتى الفِتْيانِ في صَوْلاتِه |
|
|
فإِذا تَخطَّرَ للجِدَالِ مُصَاوِلاً |
|
عَزَمَاتِه والمَوتُ في وَثَباتِه |
|
|
السيلُ في دَفَعاتِه والسيفُ في |
|
مِثْلَ القَوِيّ برَأيِه وثَبَاتِهِ |
|
|
ليس القَوِيُّ بنَابِه وبظفْرِهِ |
|
من نَصْلِ كُلِّ مُهنَّدٍ وشَبَاتِه |
|
|
والْحُجَّة ُ البَيْضَاءُ أفْضَلُ مَقطَعاً |
|
صُبْحاً وماذَا نَالَ من رَوْحاتِه |
|
|
ماذَا أصابَ الليثُ عن غَدَواتِهِ |
|
فابتاعَه منها بماءِ حَياتِه |
|
|
سَمَحتْ له الدُّنيا بماء سَرَابِها |
|
لوحققَ الإِنْسانُ أمْنِيّاتِه |
|
|
إِنَّ الأَمانِيَّ الْحِسَانَ جَمِيلة ٌ |
|
كمَنتْ سُمومُ الصِّلِّ في زَهَراتِه |
|
|
فلرُبّ رَوْضٍ للنّواظِر مُعْجِبٍ |
|
بدَمِي وغَذَّيتُ المُنَى بَعذَاتِه |
|
|
قد كان لي أملٌ سَقَيْتُ فُروعَه |
|
ومن النَّسِيم يَهُزُّ من أسَلاتِه |
|
|
أَحْنُو عليه من الهَجيرِ يَمَسُّه |
|
زَهْرٍ يُضِيءُ الأفقَ في عَذَباته |
|
|
وأَذُودُ عنْهُ الطيْر إِن حامتْ على |
|
والصُّبحُ يَمْنَحَهُ شُعَاعَ إِيَاتِه |
|
|
الليلُ يَنْفحُه بذَائبِ طَلِّه |
|
واستَحْصَد المْرْجُوُّ من ثمَراتِه |
|
|
حتى إِذا قَوِيتْ لِدَانُ غُصونِه |
|
وأشَمُّ رِيحَ الْخُلْدِ من نَفَحاتِه |
|
|
وأَخَذْتُ أَسْتَجْليِ السَّنَا من نَوْرِه |
|
لم يَزْكُ مِثلَ زَكائهِ ونَباتِه |
|
|
وأُفاخِرُ الزُّرَّاعَ أنَّ غِرَاسَهم |
|
وجَنَى عَلَيْه الْحَيْنُ قَبْل جَناتِه |
|
|
عَصَفتْ به هُوجٌ فخَرّ مُعَفَّراً |
|
مُتَفَتِّتَ الأفْلاذِ مثلَ فُتاتِه |
|
|
وَوَقَفْتُ أَنظُرُ للحُطَامِ مُحَطَّماً |
|
وَعْدٌ يُنجَّزُ غَيْرَ وَعْدِ وَفاتِه |
|
|
أَهْوِنْ بدُنْيا مَا لحى عِنْدها |
|
هل رَدَّ عنه الْجَيْشُ سَهْم مماتِهِ |
|
|
سَلْ كُلَّ مَنْ كَتَب الكَتائب غَازِياً |
|
قد خَرَّ مُنْفَرِداً على مِنْساتِهِ |
|
|
إنَّ ابنَ داودٍ علَى سُلْطانِه |
|
وأخاف جِنَّ الأرضِ من سَطَواتِه |
|
|
وهو الذي مَلَك المُلوكَ ببَأْسهِ |
|
والمرءُ في الدُّنيا إِلى مِيقاتِهِ |
|
|
كلُّ ابنِ أنثى في الْحَياة ِ إِلى مدى ً |
|
قد كنتَ أسبقَ ناهضٍ لدُعاتِهِ |
|
|
أأخِي دعوتُ فلم تُجِبْ ولرُبّما |
|
عَهْدَ الشَّبابِ مَضَى إِلى طِيّاتِه |
|
|
قد كان عَهْدُك في بَشاشة ِ أُنْسِهِ |
|
فتركتني للقُرِّ من مَشْتَاتِهِ |
|
|
كان الزمانُ يُظِلُّنا برَبِيعِه |
|
والمُشْرِقَ الوَضّاحَ من بَسَماتِهِ |
|
|
أَبكِي الشَّبابَ وزَهْوَهُ وصِحابَه |
|
والدَّهْرُ لا يَبْقَى على حَالاَتِه |
|
|
كُنَّا كفَرْعَى ْ بانة ٍ فَتفرّقا |
|
إِن أوْسَع الْخُطُواتِ في سَاحاتِه |
|
|
والعُمْرُ أَضْيَقُ أن يُمَدَّ لسالِكٍ |
|
خَلَط المُماذِقُ مِلْحَه بفُرَاتِه |
|
|
أصْفَيْتني مَحْضَ الوِدادِ وطَالما |
|
وتُحِسُّ سِرَّ الفَنِّ في أبْياتِه |
|
|
ورَفَعْتَ من شِعْري وكنتَ تُحِبُّه |
|
فَطَغتْ زَواخِرُها عَلَى مَرْثاتِه |
|
|
فاسمَعْه من باكٍ أَطَاع شُجونَه |
|
وأقام بالزَّفَراتِ تَفْعيلاتِه |
|
|
نَظَم الدُّمُوعَ فكُنّ بَحْراً كامِلاً |
|
في جَنة ِ الفِرْدَوْسِ بين رُواتِه |
|
|
أَنْشِدْه حَسّاناً إِذا لاقَيْتَهُ |
|
عهدَ البَيانِ ومُجْتلى آياتِهِ |
|
|
وافخَرْ بقَوْمِكَ أَنْ أعادُوا لِلْورَى |
|
واسعَدْ بعَيْشِ الْخُلْدِ في جَنَّاتِهِ |
|
|
وانعَمْ برضْوانِ الإِله وظِلِّه |
|
باللُّطفِ والإِحْسانِ من رَحَماتِهِ |
|
|
إِن الذي خَلَقَ البُكاءَ أغاثَه |
|
|
|
|
|
|